نام کتاب : الطب النبوي نویسنده : ابن قيّم الجوزية جلد : 1 صفحه : 71
و قد ثبت في «الصحيح»: عن النبي (صلى اللّه عليه و سلم)، أنه كان يواصل في الصّيام الأيام ذوات العدد، و ينهى أصحابه عن الوصال و يقول «لست كهيئتكم إني أظلّ يطعمني ربّي و يسقيني» [1].
و معلوم أن هذا الطعام و الشراب ليس هو الطعام الذي يأكله الإنسان بفمه، و إلا لم يكن مواصلا و لم يتحقق الفرق، بل لم يكن صائما، فإنه قال «أظلّ يطعمني ربّي و يسقيني».
و أيضا فإنه فرق بينه و بينهم في نفس الوصال، و أنه يقدر منه على ما لا يق يقدرون عليه، فلو كان يأكل و يشرب بفمه، لم يقل لست كهيئتكم، و إنما فهم هذا من الحديث من قلّ نصيبه من غذاء الأرواح و القلوب، و تأثيره في القوة و إنعاشها، و اغتذائها به فوق تأثير الغذاء الجسماني، و اللّه الموفق.
فصل في هديه (صلى اللّه عليه و سلم) في علاج العذرة، و في العلاج بالسّعوط
ثبت عنه في «الصحيحين» أنه قال: «خير ما تداويتم به الحجامة، و القسط البحري، و لا تعذّبوا صبيانكم بالغمز من العذرة» [2].
و في «السنن» و «المسند» عنه من حديث جابر بن عبد اللّه قال: دخل رسول اللّه (صلى اللّه عليه و سلم) على عائشة، و عندها صبي يسيل منخراه دما، فقال: «ما هذا؟». فقالوا: به العذرة، أو وجع في رأسه، فقال: «ويلكنّ لا تقتلن أولادكنّ، أيّما امرأة أصاب ولدها عذرة أو وجع في رأسه، فلتأخذ قسطا هنديا فلتحكّه بماء، ثم تسعطه إيّاه» فأمرت عائشة رضي اللّه عنها فصنع ذلك بالصبي، فبرأ [3]
قال أبو عبيد عن أبى عبيدة: العذرة تهيّج في الحلق من الدم، فإذا عولج منه، قيل: قد عذر به، فهو معذور انتهى. و قيل العذرة: قرحة تخرج فيما بين الأذن و الحلق، و تعرض للصبيان غالبا.
و أما نفع السّعوط منها بالقسط المحكوك، فلأن العذرة مادتها دم يغلب عليه