نام کتاب : الطب النبوي نویسنده : ابن قيّم الجوزية جلد : 1 صفحه : 60
فصل
و أما الأمر الطبي: فهو أن الحرير من الأدوية المتخذة من الحيوان، و لذلك يعد في الأدوية الحيوانية، لأن مخرجه من الحيوان، و هو كثير المنافع، جليل الموقع، و من خاصيته تقوية القلب، و تفريحه، و النفع من كثير من أمراضه، و من غلبة المرة السوداء، و الأدواء الحادثة عنها؛ و هو مقو للبصر إذا اكتحل به، و الخام منه- و هو المستعمل في صناعة الطب- حار يابس في الدرجة الأولى. و قيل: حار رطب فيها: و قيل: معتدل. و إذا اتّخذ منه ملبوس كان معتدل الحرارة في مزاجه، مسخنا للبدن، و ربما برد البدن بتسمينه إياه.
قال الرازي: الإبريسم أسخن من الكتان، و أبرد من القطن، يربي اللحم، و كل لباس خشن، فإنه يهزل، و يصلب البشرة و بالعكس.
قلت: و الملابس ثلاثة أقسام: قسم يسخن البدن و يدفئه، و قسم يدفئه و لا يسخنه، و قسم لا يسخنه و لا يدفئه، و ليس هناك ما يسخنه و لا يدفئه، إذ ما يسخنه فهو أولى بتدفئته، فملابس الأوبار و الأصواف تسخن و تدفئ، و ملابس الكتان و الحرير و القطن تدفئ و لا تسخن، فثياب الكتّان باردة يابسة، و ثياب الصوف حارة يابسة، و ثياب القطن معتدلة الحرارة، و ثياب الحرير ألين من القطن و أقل حرارة منه.
قال صاحب «المنهاج»: و لبسه لا يسخن كالقطن، بل هو معتدل، و كلّ لباس أملس صقيل، فإنه أقلّ إسخانا للبدن، و أقلّ عونا في تحلل ما يتحلل منه، و أحرى أن يلبس في الصيف، و في البلاد الحارة.
و لما كانت ثياب الحرير كذلك، و ليس فيها شيء من اليبس و الخشونة الكائنين في غيرها، صارت نافعة من الحكة، إذ الحكة لا تكون إلا عن حرارة و يبس و خشونة، فلذلك رخّص رسول اللّه (صلى اللّه عليه و سلم) للزبير و عبد الرحمن في لباس الحرير لمداواة الحكة، و ثياب الحرير أبعد عن تولد القمل فيها، إذ كان مزاجها مخالفا لمزاج ما يتولد منه القمل.
و أما القسم الذي لا يدفئ و لا يسخن، فالمتخذ من الحديد و الرصاص، و الخشب و التّراب، و نحوها، فإن قيل: فإذا كان لباس الحرير أعدل اللباس و أوفقه
نام کتاب : الطب النبوي نویسنده : ابن قيّم الجوزية جلد : 1 صفحه : 60