نام کتاب : الطب النبوي نویسنده : ابن قيّم الجوزية جلد : 1 صفحه : 50
و في الترمذي، عن أنس، أن النبي (صلى اللّه عليه و سلم) «كوى أسعد بن زرارة من الشّوكة» [1]، و قد تقدم الحديث المتفق عليه و فيه «و ما أحبّ أن أكتوي» و في لفظ آخر: «و أنا أنهى أمّتي عن الكيّ».
و في «جامع الترمذي» و غيره عن عمران بن حصين، أن النبي (صلى اللّه عليه و سلم) نهى عن الكيّ قال: فابتلينا فاكتوينا فما أفلحنا، و لا أنجحنا. و في لفظ: نهينا عن الكي و قال:
قال الخطابي: إنما كوى سعدا ليرقأ الدم من جرحه، و خاف عليه أن ينزف فيهلك. و الكي مستعمل في هذا الباب، كما يكوى من تقطع يده أو رجله.
و أما النهي عن الكي، فهو أن يكتوي طلبا للشفاء، و كانوا يعتقدون أنه متى لم يكتو، هلك، فنهاهم عنه لأجل هذه النية.
و قيل إنما نهى عنه عمران بن حصين خاصة، لأنه كان به ناصور، و كان موضعه خطرا، فنهاه عن كيّه، فيشبه أن يكون النهي منصرفا إلى الموضع المخوف منه، و اللّه اعلم.
و قال ابن قتيبة: الكي جنسان: كي الصحيح لئلا يعتلّ، فهذا الذي قيل فيه:
لم يتوكل من اكتوى، لأنه يريد أن يدفع القدر عن نفسه.
و الثاني: كي الجرح إذا نغل، و العضو إذا قطع، ففي هذا الشفاء.
و أما إذا كان الكي للتداوي الذي يجوز أن ينجع، و يجوز أن لا ينجع، فإنه إلى الكراهة أقرب. انتهى.
و ثبت في «الصحيح» في حديث السبعين ألفا الذين يدخلون الجنة بغير حساب أنهم الذين لا يسترقون و لا يكتوون و لا يتطيّرون، و على ربهم يتوكلون» [3].
فقد تضمنت أحاديث الكي أربعة أنواع، أحدها: فعله؛ و الثاني: عدم محبته له، و الثالث: الثناء على من تركه، و الرابع: النهي عنه، و لا تعارض بينهما بحمد اللّه تعالى، فإن فعله يدل على جوازه، و عدم محبته له لا يدلّ على المنع منه. و أما الثناء على
[1] أخرجه الترمذي- «الشوكة» داء معروف- انظر القاموس