نام کتاب : الطب النبوي نویسنده : ابن قيّم الجوزية جلد : 1 صفحه : 292
اللبن: قال اللّه تعالى: وَ إِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَ دَمٍ لَبَناً خالِصاً سائِغاً لِلشَّارِبِينَ[1]. و قال في الجنة: فِيها أَنْهارٌ مِنْ ماءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَ أَنْهارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ[2]. و في «السنن» مرفوعا: «من أطعمه اللّه طعاما فليقل: «اللّهمّ بارك لنا فيه، و زدنا منه، فإنّي لا أعلم ما يجزئ من الطّعام و الشّراب إلّا اللّبن».
اللبن: و إن كان بسيطا في الحس، إلا أنه مركب في أصل الخلقة تركيبا طبيعيا من جواهر ثلاثة: الجبنية، و السمنية، و المائية، فالجبنية: باردة رطبة، مغذّية للبدن، و السمنية: معتدلة الحرارة و الرطوبة ملائمة للبدن الإنساني الصحيح، كثيرة المنافع، و المائية: حارة رطبة، مطلقة للطبيعة، مرطّبة للبدن، و اللبن على الإطلاق أبرد و أرطب من المعتدل. و قيل: قوته عند حلبة الحرارة و الرطوبة.
و قيل: معتدل في الحرارة و البرودة.
و أجود ما يكون اللبن حين يحلب، ثم لا يزال تنقص جودته على ممر الساعات، فيكون حين يحلب أقلّ برودة، و أكثر رطوبة، و الحامض بالعكس، و يختار اللبن بعد الولادة بأربعين يوما، و أجوده ما اشتد بياضه، و طاب ريحه، و لذّ طعمه، و كان فيه حلاوة يسيرة، و دسومة معتدلة، و اعتدل قوامه في الرّقة و الغلظ، و حلب من حيوان فتي صحيح، معتدل اللحم، محمود المرعى و المشرب.
و هو محمود يولّد دما جيدا، و يرطّب البدن اليابس، و يغذو غذاء حسنا، و ينفع من الوسواس و الغم و الأمراض السوداوية، و إذا شرب مع العسل نقى القروح الباطنة من الأخلاط العفنة، و شربه مع السكر يحسّن اللون جدا، و الحليب يتدارك ضرر الجماع، و يوافق الصدر و الرئة، جيد لأصحاب السبل، رديء للرأس و المعدة، و الكبد و الطحال، و الإكثار منه مضر بالأسنان و اللّثة، و لذلك ينبغي أن يتمضمض بعده بالماء، و في «الصحيحين»: أن النبي (صلى اللّه عليه و سلم) شرب لبنا، ثم دعا بماء فتمضمض و قال: «إنّ له دسما».