نام کتاب : الطب النبوي نویسنده : ابن قيّم الجوزية جلد : 1 صفحه : 202
و العشق مركب من أمرين: استحسان للمعشوق، و طمع في الوصول إليه، فمتى انتفى أحدهما انتفى العشق، و قد أعيت علّة العشق على كثير من العقلاء و تكلم فيها بعضهم بكلام يرغب عن ذكره إلى الصواب.
فنقول: قد استقرت حكمة اللّه- عز و جل- في خلقه و أمره على وقوع التناسب و التالف بين الأشباه، و انجذاب الشيء إلى موافقه و مجانسه بالطبع، و هروبه من مخالفه، و نفرته عنه بالطبع، فسرّ التمازج و الاتصال في العالم العلوي و السفلي، إنما هو التناسب و التشاكل، و التوافق، و سرّ التباين و الانفصال، إنما هو بعدم التشاكل و التناسب، و على ذلك قام الخلق و الأمر، فالمثل إلى مثله مائل، و إليه صائر، و الضدّ عن ضده هارب، و عنه نافر، و قد قال تعالى «هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ وَ جَعَلَ مِنْها زَوْجَها لِيَسْكُنَ إِلَيْها[1] فجعل سبحانه علة سكون الرجل إلى امرأته كونها من جنسه و جوهره، فعلة السكون المذكور- و هو الحب- كونها منه، فدل على أن العلة ليست بحسن الصورة، و لا الموافقة في القصد و الإرادة، و لا في الخلق و الهدي، و إن كانت هذه أيضا من أسباب السكون و المحبة.
و قد ثبت في «الصحيح» عن النبيّ (صلى اللّه عليه و سلم) أنه قال: «الأرواح جنود مجنّدة، فما تعارف منها ائتلف، و ما تناكر منها اختلف» [2] و في «مسند الإمام أحمد» و غيره في سبب هذا الحديث: أن امرأة بمكة كانت تضحك الناس، فجاءت إلى المدينة، فنزلت على امرأة تضحك الناس، فقال النبي (صلى اللّه عليه و سلم): «الأرواح جنود مجنّدة» الحديث [3].
و قد استقرت شريعته سبحانه أن حكم الشيء حكم مثله، فلا تفرّق شريعته بين متماثلين أبدا و لا تجمع بين متضادين، و من ظنّ خلاف ذلك، فإما لقلة علمه بالشريعة، و إما لتقصيره في معرفة التماثل و الاختلاف، و إما لنسبته إلى شريعته ما لم ينزل به سلطانا، بل يكون من آراء الرجال، فبحكمته و عدله ظهر خلقه و شرعه،