نام کتاب : الطب النبوي نویسنده : ابن قيّم الجوزية جلد : 1 صفحه : 191
حرارته أقل منه عند برودته، و إنما ينبغي أن يجامع إذا اشتدت الشهوة، و حصل الانتشار التام الذي ليس عن تكلف و لا فكر في صورة، و لا نظر متتابع، و لا ينبغي أن يستدعي شهوة الجماع و يتكلفها، و يحمل نفسه عليها، و ليبادر إليه إذا هاجت به كثرة المني، و اشتد شبقه، و ليحذر جماع العجوز و الصغيرة التي لا يوطأ مثلها، و التي لا شهوة لها، و المريضة، و القبيحة المنظر، و البغيضة، فوطء هؤلاء يوهن القوى، و يضعف الجماع بالخاصية، و غلط من قال من الأطباء: إن جماع الثيب أنفع من جماع البكر و أحفظ للصحة، و هذا من القياس الفاسد، حتى ربما حذر منه بعضهم، و هو مخالف لما عليه عقلاء الناس، و لما اتفقت عليه الطبيعة و الشريعة.
و في جماع البكر من الخاصية و كمال التعلق بينها و بين مجامعها، و امتلاء قلبها من محبته، و عدم تقسيم هواها بينه و بين غيره، ما ليس للثيب. و قد قال النبي (صلى اللّه عليه و سلم) لجابر: «هلّا تزوّجت بكرا»، و قد جعل اللّه سبحانه من كمال نساء أهل الجنة من الحور العين، أنهن لم يطمثهنّ أحد قبل من جعلن له من أهل الجنة. و قالت عائشة للنبي (صلى اللّه عليه و سلم): أ رأيت لو مررت بشجرة قد أرتع فيها، و شجرة لم يرتع فيها، ففي أيهما كنت ترتع بعيرك؟ قال: «في الّتي لم يرتع فيها» [1]. تريد أنه لم يأخذ بكرا غيرها.
و جماع المرأة المحبوبة في النفس يقلّ إضعافه للبدن مع كثرة استفراغه للمني، و جماع البغيضة يحلّ البدن، و يوهن القوى مع قلة استفراغه. و جماع الحائض حرام طبعا و شرعا، فإنه مضر جدا، و الأطباء قاطبة تحذر منه.
و أحسن أشكال الجماع أن يعلو الرجل المرأة، مستفرشا لها بعد الملاعبة و البلة، و بهذا سميت المرأة فراشا، كما قال (صلى اللّه عليه و سلم): «الولد للفراش» [2]، و هذا من تمام قوّامية الرجل على المرأة، كما قال تعالى: الرِّجالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّساءِ[3]،