responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الطب النبوي نویسنده : ابن قيّم الجوزية    جلد : 1  صفحه : 18

من الاصطكاك ما يوجب حدوث النار، و لا فيها من الصفاء و الصّقال ما يبلغ الى حدّ البلورة، كيف و شعاع الشمس يقع على ظاهرها، فلا تتولد النار البتة، فالشعاع الذي يصل الى باطنها كيف يولد النار؟.

الوجه الثاني: في أصل المسألة: أن الأطباء مجمعون على أن الشراب العتيق في غاية السخونة بالطبع، فلو كانت تلك السخونة بسبب الأجزاء النارية، لكانت محالا إذ تلك الأجزاء النارية مع حقارتها كيف يعقل بقاؤها في الأجزاء المائية الغالبة دهرا طويلا، بحيث لا تنطفئ مع أنا نرى النار العظيمة تطفأ بالماء القليل.

الوجه الثالث: أنه لو كان في الحيوان و النبات جزء ناري بالفعل، لكان مغلوبا بالجزء المائي الذي فيه، و كان الجزء الناري مقهورا به، و غلبة بعض الطبائع و العناصر على بعض يقتضي انقلاب طبيعة المغلوب الى طبيعة الغالب، فكان يلزم بالضرورة انقلاب تلك الأجزاء النارية القليلة جدا الى طبيعة الماء الذي هو ضد النار.

الوجه الرابع: أن اللّه سبحانه و تعالى ذكر خلق الإنسان في كتابه في مواضع متعددة، يخبر في بعضها أنه خلقه من ماء، و في بعضها أنه خلقه من تراب، و في بعضها أنه خلقه من المركب منهما و هو الطين، و في بعضها أنه خلقه من صلصال كالفخار، و هو الطين الذي ضربته الشمس و الريح حتى صار صلصالا كالفخار، و لم يخبر في موضع واحد أنه خلقه من نار، بل جعل ذلك خاصية إبليس. و ثبت في «صحيح مسلم»: عن النبي (صلى اللّه عليه و سلم) قال» خلقت الملائكة من نور، و خلق الجان من مارج من نار، و خلق آدم مما وصف لكم» [1]. و هذا صريح في انه خلق مما وصفه اللّه في كتابه فقط، و لم يصف لنا سبحانه أنه خلقه من نار، و لا أن في مادته شيئا من النار.

الوجه الخامس: أن غاية ما يستدلون به ما يشاهدون من الحرارة في أبدان الحيوان، و هي دليل على الأجزاء النارية، و هذا لا يدل، فإن أسباب الحرارة أعمّ من النار، فإنها تكون عن النار تارة، و عن الحركة أخرى، و عن انعكاس الأشعة، و عن سخونة الهواء، و عن مجاورة النار، و ذلك بواسطة سخونة الهواء أيضا، و تكون عن أسباب أخر، فلا يلزم من الحرارة النار.


[1] لم يخرجه البخاري. و قد رواه الإمام أحمد و الإمام مسلم في آخر صحيحه عن عائشة.

نام کتاب : الطب النبوي نویسنده : ابن قيّم الجوزية    جلد : 1  صفحه : 18
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست