نام کتاب : الطب النبوي نویسنده : ابن قيّم الجوزية جلد : 1 صفحه : 162
اشتهاه أكله، و إلا تركه، و لم يأكل منه. و لما قدّم إليه الضبّ المشويّ لم يأكل منه، فقيل له: أ هو حرام؟
قال: «لا، و لكن لم يكن بأرض قومي، فأجدني أعافه» [1]. فراعى عادته و شهوته، فلما لم يكن يعتاد أكله بأرضه، و كانت نفسه لا تشتهيه، أمسك عنه، و لم يمنع من أكله من يشتهيه، و من عادته أكله.
و كان يحب اللحم، و أحبه إليه الذراع، و مقدم الشاة، و لذلك سم فيه، و في «الصحيحين»: أتي رسول اللّه (صلى اللّه عليه و سلم) بلحم، فرفع إليه الذراع، و كانت تعجبه [2].
و ذكر أبو عبيدة و غيره عن ضباعة بنت الزبير، أنها ذبحت في بيتها شاة.
فأرسل إليها رسول اللّه (صلى اللّه عليه و سلم) أن أطعمينا من شاتكم، فقالت للرسول: ما بقي عندنا إلا الرقبة، و إني لأستحي أن أرسل بها إلى رسول اللّه (صلى اللّه عليه و سلم)، فرجع الرسول فأخبره.
فقال: «ارجع إليها فقل لها: أرسلي بها، فإنها هادية الشاة و أقرب إلى الخير، و أبعدها من الأذى» [3].
و لا ريب أن أخف لحم الشاة لحم الرقبة، و لحم الذراع و العضد، و هو أخف على المعدة، و أسرع انهضاما، و في هذا مراعاة الأغذية التي تجمع ثلاثة أوصاف. أحدها: كثرة نفعها و تأثيرها في القوى الثاني: خفتها على المعدة، و عدم ثقلها عليها. الثالث: سرعة هضمها، و هذا أفضل ما يكون من الغذاء، و التغذي باليسير من هذا أنفع من الكثير من غيره.
و كان يحب الحلواء و العسل، و هذه الثلاثة- أعني: اللحم و العسل و الحلواء- من أفضل الأغذية، و أنفعها للبدن و الكبد و الأعضاء، و للاغتذاء بها نفع عظيم في حفظ الصحة و القوة، و لا ينفر منها إلا من به علة و آفة.