نام کتاب : الطب النبوي نویسنده : ابن قيّم الجوزية جلد : 1 صفحه : 161
و يذكر عن ابن عباس أن اعرابيا جاء إلى رسول اللّه (صلى اللّه عليه و سلم)، فقال له: ما أسأل اللّه بعد الصلوات الخمس؟ فقال: «سل اللّه العافية»، فأعاد عليه، فقال له في الثالثة: «سل اللّه العافية في الدّنيا و الآخرة».
و إذا كان هذا شأن العافية و الصحة، فنذكر من هديه (صلى اللّه عليه و سلم) في مراعاة هذه الأمور ما يتبين لمن نظر فيه أنه أكمل هدي على الإطلاق ينال به حفظ صحة البدن و القلب، و حياة الدنيا و الآخرة، و اللّه المستعان، و عليه التّكلان، و لا حول و لا قوة إلا باللّه.
فصل
فأما المطعم و المشرب، فلم يكن من عادته (صلى اللّه عليه و سلم) حبس النفس على نوع واحد من الأغذية لا يتعداه إلى ما سواه، فإن ذلك يضر بالطبيعة جدا، و قد يتعذر عليها أحيانا، فإن لم يتناول غيره، ضعف أو هلك، و إن تناول غيره، لم تقبله الطبيعة، و استضرّ به، فقصرها على نوع واحد دائما- و لو أنه أفضل الأغذية- خطر مضر.
بل كان يأكل ما جرت عادة أهل بلده بأكله من اللحم، و الفاكهة و الخبز، و التمر، و غيره مما ذكرناه في هديه في المأكول، فعليك بمراجعته هناك.
و إذا كان في أحد الطعامين كيفية تحتاج إلى كسر و تعديل، كسرها و عدلها بضدها إن أمكن، كتعديل حرارة الرطب بالبطيخ، و إن لم يجد ذلك، تناوله على حاجة و داعية من النفس من غير إسراف، فلا تتضرر به الطبيعة.
و كان إذا عافت نفسه الطعام لم يأكله، و لم يحملها إياه على كره و هذا أصل عظيم في حفظ الصحة، فمتى أكل الإنسان ما تعافه نفسه، و لا يشتهيه، كان تضرره به أكثر من انتفاعه. قال أبو هريرة [1]: ما عاب رسول اللّه (صلى اللّه عليه و سلم) طعاما قط، إن
[1] أخرجه البخاري و مسلم و أبو داود و الترمذي و أحمد.
نام کتاب : الطب النبوي نویسنده : ابن قيّم الجوزية جلد : 1 صفحه : 161