نام کتاب : الطب النبوي نویسنده : ابن قيّم الجوزية جلد : 1 صفحه : 135
من الشرور قبل وقوعها، و لهذا أوصى النبي (صلى اللّه عليه و سلم) عقبة بن عامر بقراءتهما عقب كلّ صلاة، ذكره الترمذي في «جامعه» [1] و في هذا سر عظيم في استدفاع الشرور من الصلاة إلى الصلاة. و قال: ما تعوذ المتعوذون بمثلهما. و قد ذكر أنه (صلى اللّه عليه و سلم) سحر في إحدى عشرة عقدة، و أن جبريل نزل عليه بهما، فجعل كلّما قرأ آية منهما انحلّت عقدة، حتى انحلت العقد كلّها، و كأنما أنشط من عقال.
و أما العلاج الطبيعي فيه، فإن في الملح نفعا لكثير من السموم، و لا سيما لدغة العقرب، قال صاحب «القانون»: يضمد به مع بزر الكتان للسع العقرب، و ذكره غيره أيضا. و في الملح من القوة الجاذبة المحلّلة ما يجذب السموم و يحللها، و لما كان في لسعها قوة نارية تحتاج إلى تبريد و جذب و إخراج جمع بين الماء المبرد لنار اللسعة، و الملح الذي فيه جذب و إخراج، و هذا أتم ما يكون من العلاج و أيسره و أسهله، و فيه تنبيه على أن علاج هذا الداء بالتبريد و الجذب و الإخراج و اللّه أعلم.
و قد روى مسلم في «صحيحه» عن أبي هريرة قال: جاء رجل إلى النبي (صلى اللّه عليه و سلم) فقال: يا رسول اللّه! ما لقيت من عقرب لدغتني البارحة فقال: «أما لو قلت حين أمسيت: أعوذ بكلمات اللّه التّامّات من شرّ ما خلق، لم تضرّك» [2]
و اعلم أن الأدوية الطبيعية الإلهية تنفع من الداء بعد حصوله، و تمنع من وقوعه، و إن وقع لم يقع وقوعا مضرا، و إن كان مؤذيا، و الأدوية الطبيعية إنما تنفع، بعد حصول الداء، فالتعوّذات و الأذكار، إما أن تمنع وقوع هذه الأسباب، و إما أن تحول بينها و بين كمال تأثيرها بحسب كمال التعوذ و قوته و ضعفه، فالرّقى و العوذ تستعمل لحفظ الصحة، و لإزالة المرض، أما الأول: فكما في «الصحيحين» من حديث عائشة كان رسول اللّه (صلى اللّه عليه و سلم)، إذ أوى إلى فراشه نفث في كفّيه قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ و المعوّذتين. ثم يمسح بهما وجهه، و ما بلغت يده من جسده [3]