نام کتاب : الطب النبوي نویسنده : ابن قيّم الجوزية جلد : 1 صفحه : 131
الذي كان، فننظر ما يأمرنا، فقدموا على رسول اللّه (صلى اللّه عليه و سلم) فذكروا له ذلك، فقال «و ما يدريك أنهّا رقية؟»، ثم قال «قد أصبتم، اقسموا و أضربوا لي معكم سهما» [1]
و قد روى ابن ماجه في «سننه» من حديث علي قال: قال رسول اللّه (صلى اللّه عليه و سلم) خيّر الدّواء القرآن» [2].
و من المعلوم أن بعض الكلام له خواص و منافع مجربة، فما الظنّ بكلام ربّ العالمين، الذي فضله على كل كلام كفضل اللّه على خلقه الذي هو الشفاء التام، و العصمة النافعة، و النور الهادي، و الرحمة العامة، الذي لو أنزل ظل على جبل لتصدّع من عظمته و جلالته. قال تعالى وَ نُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ ما هُوَ شِفاءٌ وَ رَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ[3] و «من» هاهنا لبيان الجنس لا للتبعيض هذا أصحّ القولين، كقوله تعالى: وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَ أَجْراً عَظِيماً[4]. و كلّهم من الذين آمنوا و عملوا الصالحات، فما الظن بفاتحة الكتاب التي لم ينزل في القرآن، و لا في التوراة، و لا في الإنجيل، و لا في الزبور مثلها، المتضمنة لجميع معاني كتب اللّه، المشتملة على ذكر أصول أسماء الرب- تعالى- و مجامعها، و هي اللّه، و الرب، و و الرحمن، و إثبات المعاد، و ذكر التوحيدين: توحيد الربوبية، و توحيد الإلهية، و ذكر الافتقار الى الربّ سبحانه في طلب الإعانة و طلب الهداية، و تخصيصه سبحانه بذلك، و ذكر أفضل الدعاء على الإطلاق و أنفعه و أفرضه، و ما العباد أحوج شيء إليه، و هو الهداية إلى صراطه المستقيم، المتضمن كمال معرفته و توحيده و عبادته بفعل ما أمر به، و اجتناب ما نهى عنه، و الاستقامة عليه الى الممات، و يتضمن ذكر أصناف الخلائق و انقسامهم الى منعم عليه بمعرفة الحق، و العمل به، و محبته، و إيثاره، و مغضوب عليه بعدوله عن الحق بعد معرفته له، و ضال بعدم معرفته له. و هؤلاء أقسام الخليقة مع تضمنها لإثبات القدر، و الشرع، و الأسماء، و الصفات، و المعاد، و النبوات، و تزكية النفوس، و إصلاح
[1] أخرجه البخاري في الطب، و مسلم في السلام، و أخرجه الترمذي و ابن ماجه و أحمد