نام کتاب : الشيعة في مسارهم التاريخي نویسنده : الأمين، السيد محسن جلد : 1 صفحه : 73
ثم كتب إلى عماله: أن الحديث في عثمان قد كثر و فشا في كلّ مصر و في كلّ وجه و ناحية، فإذا جاءكم كتابي هذا فادعوا الناس إلى الرواية في فضائل الصحابة و الخلفاء الأولين، و لا يتركوا خبرا يرويه أحد من المسلمين في أبي تراب إلاّ و ائتوني بمناقض له في الصحابة فإن هذا أحبّ إليّ، و أقرّ لعيني، و أدحض لحجّة أبي تراب و شيعته، و أشدّ عليهم من مناقب عثمان و فضله، فقرئت كتبه على الناس، فرويت أخبار كثيرة في مناقب الصحابة مفتعلة لا حقيقة لها و جدّ الناس في رواية ما يجري هذا المجرى حتّى أشادوا بذكر ذلك على المنابر، و ألقي إلى معلمي المكاتب فعلّموا صبيانهم و غلمانهم من ذلك الكثير الواسع حتّى رووه و تعلموه كما يتعلّمون القرآن، و حتّى علّموه بناتهم و نساءهم و خدمهم و حشمهم.
فلبثوا بذلك ما شاء اللّه، ثم كتب إلى عماله نسخة واحدة إلى جميع البلدان: انظروا من قامت عليه البيّنة أنه يحبّ عليّا و أهل بيته فامحوه من الديوان و أسقطوا عطاءه و رزقه، و شفع ذلك بنسخة أخرى: من اتهمتموه بموالاة هؤلاء القوم فنكّلوا به و اهدموا داره، فلم يكن البلاء أشدّ و لا أكثر منه بالعراق و لا سيما بالكوفة، حتّى أن الرجل من شيعة عليّ عليه السّلام ليأتيه من يثق به فيدخل بيته فيلقي إليه بسره و يخاف من خادمه و مملوكه، و لا يحدّثه حتّى يأخذ عليه الأيمان الغليظة ليكتمن عليه، فظهر حديث كثير موضوع و بهتان منتشر.
و مضى على ذلك الفقهاء و القضاة و الولاة و كان أعظم الناس في ذلك بلية القراء المراؤون، و المستضعفون الّذين يظهرون الخشوع و النسك، فيفتعلون الأحاديث ليحظوا بذلك عند ولاتهم و يقرّبوا مجالسهم و يصيبوا به الأموال و الضياع و المنازل، حتّى انتقلت تلك الأخبار و الأحاديث إلى أيدي الديانين الّذين لا يستحلّون الكذب فقبلوها و رووها و هم يظنون أنها حقّ، و لو علموا أنها باطلة لما رووها و لا تدينوا بها.
فلم يزل الأمر كذلك حتّى مات الحسن بن عليّ عليهما السّلام فازداد البلاء و الفتنة، فلم يبق أحد من هذا القبيل إلاّ خائف على دمه أو طريد في الأرض، ثم تفاقم الأمر بعد قتل الحسين عليه السّلام و ولي عبد الملك بن مروان فاشتدّ على الشيعة،
نام کتاب : الشيعة في مسارهم التاريخي نویسنده : الأمين، السيد محسن جلد : 1 صفحه : 73