نام کتاب : الشيعة في الإسلام نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 1 صفحه : 83
و عند ما يستمعون عن طريق الوحي الإلهي، أن الله تعالى قد نهى عن عبادة الأوثان، و ظاهر الآية مثلا تجنب تقديس الأصنام، فإنهم يدركون أن العبادة تختص بالله سبحانه، و ليست لأحد سواه، لأن حقيقة العبادة هي العبودية المطلقة، و أكثر من هذا فهم يدركون أن الخوف و الرجاء لا يكون إلاّ من الله و لله وحده، و يجب ألاّ يستسلموا لأهواء النفس، و لا يجوز التوجه إلاّ لله تعالى.
و عند ما يتلى عليهم حكم وجوب الصلاة، و ظاهر الحكم إقامة هذه العبادة الخاصة، لكن بحسب الباطن يدركون أن هذه الصلاة يجب أن تتحقق بقلوبهم و بكلّ وجودهم، و أكثر من هذا يجب عليهم أن ينسوا أنفسهم و يتفانوا في عبادة الله وحده، فهم لا شيء تجاه الخالق.
و كما هو واضح أن المعنى الباطني المستفاد من المثالين السابقين، لم يكن مدلولا لفظيا للأمر أو النهي بذاته بل-للذي جعل مجال فكره متسعا-يرجّع النظر إلى العالم و الكون على النظر في نفسه، و ما تنطوي عليه من أنانية و حب للذات.
و مع هذا البيان، يتبين معنى ظاهر القرآن و باطنه، و كذلك يتضح أن باطن القرآن لا يلغي و لا يبطل ظاهره، بل إنه بمنزلة الروح التي تمنح الجسم الحياة، و بما أن الإسلام دين عام، شامل و أبدي، فهو يهتم أولا و قبل كل شيء بإصلاح المجتمع البشري، و لا يتخلّى عن الأحكام الظاهرية و التي مؤدّاها إصلاح المجتمع، و كذا لا يتخلّى عن الاعتقادات البسيطة و التي تعتبر حارسة للأحكام المشار إليها.
فكيف يمكن لمجتمع أن ينال السعادة بالاقتناع أن الإنسان يكفيه
نام کتاب : الشيعة في الإسلام نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 1 صفحه : 83