نام کتاب : الشيعة في الإسلام نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 1 صفحه : 103
الثابتة الخلابة، و عند إحساس لذاتها، تصبح اللذائذ الأخرى حقيرة في نظره، و بالتالي تجعله ينصرف عن الحياة الفاتنة الفانية.
هذا هو مدى جاذبية العرفان، التي تسلك بالمؤمن إلى العالم العلوي، و تقرّ في قلبه عظمة الله و جلاله، فينسى كل شيء، و يغفل عن كل شيء، فتحرضه هذه الجاذبية على أن ينبذ كل ما يتمناه و يرجوه في هذه الحياة، و تدعوه إلى عبادة الله الذي لا يرى، و هو أوضح من كل ما يرى و يسمع.
و في الحقيقة أن هذه الجاذبية الباطنية، هي التي قد أوجدت في الإنسان، سبل عبادة الله تعالى. و العارف هو الذي يعبد الله سبحانه عن حبّ و إخلاص، لا عن طلب للثواب و لا عن خوف و رهبة من العذاب. من هنا يتضح أن العرفان ليس مذهبا في قبال المذاهب الأخرى، بل أن العرفان طريق من طرق العبادة (عبادة الحب و الإخلاص، لا للخوف و الرجاء) و هو طريق لإدراك و فهم حقائق الدين، في قبال طريق الظواهر الدينية و طريق التفكر العقلي.
ظهور العرفان في الإسلام
من بين صحابة النبي الأكرم صلى اللّه عليه و آله و سلم (و قد جاء ذكر ما يقارب من اثني عشر ألفا منهم في كتب الرجال) ينفرد الإمام علي عليه السّلام ببيانه البليغ عن حقائق العرفان، و مراحل الحياة المعنوية، إذ يحتوي على الذخائر الجمّة، ما لم نجد مثليه في الآثار التي بين
نام کتاب : الشيعة في الإسلام نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 1 صفحه : 103