شعر الشريف ميادين حروب و غمرات آجال و شعور ملتهب و آلام و آمال و نفس جائشة تتلمظ للوثبة فمن أين تفجر هذا الشعور؟و ما الذي أجج هذا اللهيب؟و ما الشريف الرضي من أوله إلى آخره إلاّ إعصار فيه نار... !!لا ريب إن المنافي و الاغلال التي أرهق بها رهطه و آله الأنجاد الأولون، و الأسناد التالون في سبيل منازعاتهم و محاولاتهم، و السجون و الكواظم و الدماء السواجم التي نكلوا بها، هي التي أثارت فيه ذلك الشعور و تعاليه من تلك المعالي و تماجده من مجد أولئك الاماجد، و هنا نقص عليك نتفا من أحاديثهم و على ضوئها تعرف ناحية من نواحي حياة الشريف. أما أبوه الحسين، فكان قوي المنة شديد العصبية، يتلاعب بالدولة و يتجرأ على مقدراتها، و كان نقيب النقباء اسندت إليه أمارة الحج و النظر في المظالم و لقب بذي المنقبتين و لم يلقب به أحد من الطالبيين، و له غلو في التمجيد بآبائه.
و ديوان الشريف مملوء بمدائحه و تهانيه و شكر أياديه، و قد ورث منه هذه النزعة. و لما قبض عليه المطهر بن عبد اللّه، وزير عضد الدولة، و هو و ابن عمر العلوي و ابن معروف قاضي القضاة و حمله إلى فارس و سجنه في القلعة قال له: (كم تدل علينا بالعظام النخرة) و في ذلك يقول الشريف:
و طاغ يعير البغي غرب لسانه # و ليس له من جانب الدين ذائد
تعير ربّ الخير بالي عظامه # ألا نزهت تلك العظام البوائد
و لو كان بين الفاطميين رفرفت # عليه العوالي و الظبى و السواعد