و يدلّ على القول الثاني أيضا قوله (عليه السّلام): إذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم [1] بناء على أنّ المراد الشيء المركّب لا الكلي و لا العام الأصولي، فإنّ إرادة الكلي مخالف للظاهر، لأنّ الظاهر من كلمة «من» أنّه للتبعيض، و إذا أريد من الشيء الكلي لا يصحّ التبعيض، لأنّ الفرد ليس بعض الكلي فيحتاج إلى مسامحة و هي أن يكون التبعيض بملاحظة أنّ الفرد بعض الأفراد و يكون المراد من قوله:
«فأتوا منه» فأتوا من أفراده، و كذلك إرادة العام أيضا خلاف الظاهر، لأنّ الأمر حينئذ ليس بشيء واحد، بل أمر بأشياء هي الإكرامات المتعلقة بالعلماء فتأمّل، و احتمال كون «من» بمعنى الباء مخالف للظاهر كاحتمال كونها بيانية، بل الثاني مشكل جدّا.
و يدلّ عليه أيضا قوله (عليه السّلام): «ما لا يدرك كله إلخ» [2].
و قد يورد عليه بأنّه يحتمل كون لفظ الكل للعموم الأفرادي، لعدم ثبوت كونه حقيقة في الكل المجموعي و لا مشتركا معنويا بينه و بين الأفرادي، فلعلّه مشترك لفظي أو حقيقة خاصة في الأفرادي، فيدلّ على أنّ الحكم الثابت لموضوع العام بالعموم الأفرادي إذا لم يكن الإتيان به إلّا على وجه العموم لا يترك موافقته فيما أمكن من الأفراد.
و يجاب عنه: بأنّ كون لفظ الكل للعموم الأفرادي لا وجه له، لأنّ المراد بالموصول: هو فعل المكلّف، و كلّه عبارة عن مجموعه.
نعم لو قام قرينة على إرادة المتعدّد من الموصول بأن أريد ان الافعال التي لا يدرك كلها كإكرام زيد و إكرام عمرو و غيرهما لا يترك كلها، كان لما احتمله وجه لكن لفظ كل حينئذ أيضا مجموعي لا أفرادي إذ لو حمل على الأفرادي كان