أمّا الكتاب فهو قوله تعالى وَ كُلُوا وَ اشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ[1] أي: حتّى يتميّز الخيط الأبيض- الذي هو من النهار من الخيط الأسود الذي هو من الليل. ثمّ عقّبه بقوله مِنَ الْفَجْرِ الظاهر في التبيّن بأنّ ذاك التميّز هو الفجر، و ظاهر أنّ الظاهر من «التبيّن و التميّز» هو التميّز الفعلي التحقيقي، كما هو الشأن في كلّ العناوين المأخوذة في العقود و القضايا.
فإن قلت: إنّ التبيّن قد أُخذ على وجه الطريقية. أي حتّى يعلم الصبح، ف «العلم» و «التبيّن» حيثما أُخذا في القضايا يكونان ظاهرين في الطريقية، فالتبيّن طريق إلى الصبح الذي هو ساعة معيّنة؛ لا تختلف بحسب الأيّام ذاك الاختلاف بالضرورة، فلا بدّ من العمل بالتقدير، فكأنّه قال: «كل و اشرب حتّى تعلم الفجر الذي هو وصول شعاع الشمس إلى حدّ الأُفق؛ بحيث لو لم يكن مانع ترى آثاره».