العلل التكوينية تؤثّر في المعلولات المستندة إليها لبّا و إن لم تؤثّر فيها بعنوانها، فإذا أوجد المكلّف الطبيعة القابلة للتكرار بالدواعي النفسانيّة مثلًا، لم يكن آتياً بما هو المأمور به واقعاً؛ فإنّ الأمر لا يحرّك إلى الطبيعة المطلقة، فإنّ المطلقة لا تكون مطلوبة، و لا يحرّك إلى المقيّدة بالقيد اللحاظي، بل إلى المقيّدة بالقيد اللبّي، فلا بدّ أن يكون العبد متحرّكاً بتحريك الأمر حتّى يكون آتياً للمأمور به الذي هو معلول علّة تشريعه. و هو المعنيّ ب «أنّ الأصل في الأوامر التعبّدية». هذا محصّل ما أفاده (قدّس سرّه) في مجلس بحثه.
و فيه: أنّ القيود المنتزعة عن الأوامر في الرتبة المتأخّرة عن تعلّق الأمر، لا يمكن أن يكون الأمر محرّكاً نحوها، و لا حجّة عليها إلّا أن يأخذها في المتعلّق؛ بناءً على جواز أخذها كما حقّق في محلّه [1]. فلا يكون للمولى حجّة على العبد إلّا على ما تعلّق الأمر به، فالأمر لا يدعو إلّا إلى نفس الطبيعة، فلا تكون حجّة إلّا عليها.
و بالجملة: الحجّة على المطلق لا يمكن أن تكون حجّة على المقيّد، و استنادُ الطبيعة إلى الأمر أمرٌ متأخّر منتزع من تعلّقه بها، فالاستناد و إن كان أمراً عقليّاً، و لكن احتجاج المولى على العبد بالنسبة إلى قصده بلا بيان، قبيح عقلًا، فتدبّر.
إبطال حمل صيغة الأمر على الوجوب عند الإطلاق
و بنحو ما ذكرنا يمكن الجواب عمّا أفاده (قدّس سرّه) في كتاب «درره» في باب «أنّ صيغة الأمر هل هي حقيقة في الوجوب، أو الندب، أو فيهما على سبيل