نام کتاب : الحيوان نویسنده : الجاحظ جلد : 1 صفحه : 94
و الذي فرّق هذه الأقسام، و سخّر هذه النفوس، و صرف هذه العقول لاستخراج هذه العلوم من مدافنها، و هذه المعاني من مخابيها، هو الذي سخّر بطليموس مع ملكه، و فلانا و فلانا للتفرّغ للأمور السماويّة، و لرعاية النجوم و اختلاف مسير الكواكب. و كلّ ميسّر لما خلق له، لتتمّ النعمة و لتكمل المعرفة، و إنما تأبّى التيسير للمعاصي.
فأمّا الصناعات فقد تقصر الأسباب بعض الناس على أن يصير حائكا، و تقصر بعضهم على أن يكون صيرفيّا، فهي و إن قصرته على الحياكة، فلم تقصره على خلف المواعيد و على إبدال الغزول، و على تشقيق العمل دون الإحكام و الصدق و أداء الأمانة، و لم تقصر الصيرفيّ على التطفيف في الوزن و التغليط في الحساب، و على دسّ المموّه؛ تعالى اللّه عزّ و جلّ عن ذلك علوا كبيرا.
104-[خضوع النتاج المركب للطبيعة]
و لو كان أمر النّتاج و ما يحدث بالتراكيب و يخرج من التزاويج، إلى تقدير الرأي و ما هو أقرب إلى الظنّ، لكانت الأظلاف تجري مجرى الحوافر و الأخفاف. أ لا ترى أنّ قرابة الضأن من الماعز، كقرابة البخت من العراب، و الخيل من الحمير!! و سبيل نتائج الظّلف على خلاف ذلك؛ لأنّ التيس-على شدّة غلمته-لا يعرض للنعجة إلاّ بالقليل الذي لا يذكر. و كذلك ما يحدث بينهما من الولد كذلك: إمّا ألاّ يتمّ خلقه، و إما ألاّ يعيش؛ و كذلك الكبش و العنز فضلا عن أن يكون بينهما نتاج؛ لأنه قد يضرب الجنس في الجنس الذي لا يلقحه، و لا يكون اللّقاح إلا بعد ضراب.
و طلب التيس للنعجة قليل و أقلّ من القليل، و كذلك الكبش للعنز، و أقلّ من ذلك أن تتلاقح و لا يبقى ذلك الولد البتة.
و قد تجاسر ناس على توليد أبواب من هذا الشكل، فادّعوا أمورا، و لم يحفلوا بالتقريع و التكذيب عند مسألة البرهان!!