نام کتاب : الحيوان نویسنده : الجاحظ جلد : 1 صفحه : 41
ابن الجهم: لكنّي ما رغّبني فيه إلاّ الذي زهّدك فيه؛ و ما قرأت قطّ كتابا كبيرا فأخلاني من فائدة، و ما أحصي كم قرأت من صغار الكتب فخرجت منها كما دخلت.
و قال العتبي ذات يوم لابن الجهم: أ لا تتعجّب من فلان!!نظر في كتاب الأقليدس مع جارية سلمويه في يوم واحد، و ساعة واحدة، فقد فرغت الجارية من الكتاب و هو بعد لم يحكم مقالة واحدة، على أنّه حرّ مخيّر، و تلك أمة مقصورة، و هو أحرص على قراءة الكتاب من سلمويه على تعليم جارية. قال ابن الجهم: قد كنت أظنّ أنّه لم يفهم منه شكلا واحدا، و أراك تزعم أنّه قد فرغ من مقالة!!قال العتبي: و كيف ظننت به هذا الظنّ، و هو رجل ذو لسان و أدب؟قال: لأنّي سمعته يقول لابنه: كم أنفقت على كتاب كذا؟قال: أنفقت عليه كذا، قال: إنّما رغّبني في العلم أنّي ظننت أنّي أنفق عليه قليلا و أكتسب كثيرا، فأمّا إذا صرت أنفق الكثير، و ليس في يدي إلاّ المواعيد، فإنّي لا أريد العلم بشيء!!
28-[الإنفاق على الكتب]
فالإنسان لا يعلم حتى يكثر سماعه، و لا بدّ من أن تكون كتبه أكثر من سماعه؛ و لا يعلم، و لا يجمع العلم، و لا يختلف إليه، حتى يكون الإنفاق عليه من ماله، ألذّ عنده من الإنفاق من مال عدوّه. و من لم تكن نفقته التي تخرج في الكتب، ألذّ عنده من إنفاق عشّاق القيان، و المستهترين بالبنيان، لم يبلغ في العلم مبلغا رضيّا. و ليس ينتفع بإنفاقه، حتّى يؤثر اتّخاذ الكتب إيثار الأعرابي فرسه باللبن على عياله، و حتّى يؤمّل في العلم ما يؤمّل الأعرابي في فرسه.
29-[مغالاة الزنادقة بتحسين كتبهم]
و قال إبراهيم بن السّنديّ مرة: وددت أنّ الزنادقة لم يكونوا حرصاء على المغالاة بالورق النقيّ الأبيض، و على تخيّر الحبر الأسود المشرق البرّاق، و على استجادة الخطّ و الإرغاب لمن يخطّ، فإنّي لم أر كورق كتبهم ورقا، و لا كالخطوط التي فيها خطّا. و إذا غرمت مالا عظيما-مع حتّى للمال و بغض الغرم-كان سخاء النفس بالإنفاق على الكتب، دليلا على تعظيم العلم، و تعظيم العلم دليل على شرف النفس، و على السلامة من سكر الآفات. قلت لإبراهيم: إنّ إنفاق الزنادقة على تحصيل الكتب، كإنفاق النصارى على البيع، و لو كانت كتب الزنادقة كتب حكم و كتب
نام کتاب : الحيوان نویسنده : الجاحظ جلد : 1 صفحه : 41