نام کتاب : الحيوان نویسنده : الجاحظ جلد : 1 صفحه : 249
و التعرّض، و التّحكك و التهييج و التحريش، فلو أنّ الذي يأتي صبيانكم إلى الكلب، من الإلحاح بأصناف العبث-و الصّبيان أقسى الخلق و أقلّهم رحمة-أنزلوه بالأحنف ابن قيس، و قيس بن عاصم، بل بحاجب بن زرارة و حصن بن حذيفة، لخرجوا إلى أقبح ممّا يخرج إليه الكلب. و من ترك منهم الأخذ فوق يد ابنه، فهو أحقّ باللائمة.
و بعد فما وجدنا كلبا وثب على صبيّ فعقره من تلقاء نفسه، و إنّه ليتردّد عليه و هو في المهد، و هو لحم على وضم، فلا يشمّه و لا يدنو منه. و هو أكثر خلق اللّه تعالى تشمّما و استرواحا؛ و ما في الأرض كلب يلقى كلبا غريبا إلاّ شمّ كلّ واحد منهما است صاحبه، و لا في الأرض مجوسيّ يموت فيحزن على موته و يحمل إلى الناووس إلاّ بعد أن يدنى منه كلب يشمّه، فإنّه لا يخفى عليه في شمّه عندهم، أحي هو أم ميّت؛ للطافة حسّه، و أنّه لا يأكل الأحياء. فأمّا اليهود فإنّهم يتعرّفون ذلك من الميّت، بأن يدهنوا استه. و لذلك قال الشاعر و هو يرمي ناسا بدين اليهودية: [من الطويل]
إذا مات منهم ميّت مسحوا استه # بدهن و حفّوا حوله بقرام [1]
264-[جنايات الديك]
و قالوا: فإذا ذكرتم جنايات الكلاب، فواحد من جنايات الدّيكة أعظم من جنايات الكلاب؛ لأنّ عبد اللّه بن عثمان بن عفّان، ابن بنت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، إنّما مات من نقر ديك في دار عثمان، نقر عينه فكان سبب موته [2] . فقتل الديك لعترة رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، أعظم من كثير ممّا تستعظمونه من جنايات الكلاب.
و قد نقر ديك عين ابن حسكة بن عتّاب، أو عين ابن أخته.
و قد نقر ديك عين ابن الريان بن أبي المسيح و هو في المهد فاعورّ، ثمّ ضربته الحمرة فمات.
و وثب ديك فطعن بصيصته عين بنت لثمامة بن أشرس، قال ثمامة: فأتاني الصّريخ، فو اللّه ما وصلت إليها حتى كمد وجهها كلّه و اسودّ الأنف و الوجنتان و غارت العينان. و كان شأن هذا الديك-فيما زعم ثمامة-عجبا من العجب: ذكر أنّ رجلا ذكر أنّ ديكا عند بقّال لهم، يقاتل به الكلاب، قال: فأتيت البقّال الذي