نام کتاب : الحيوان نویسنده : الجاحظ جلد : 1 صفحه : 150
178-[ما قيل في السبع من الأمثال]
و هو المضروب به المثل في النّجدة و البسالة، و في شدّة الإقدام و الصّولة، فيقال: «ما هو إلاّ الأسد على براثنه» [1] و «هو أشدّ من الأسد» [2] و «هو أجرا من الليث العادي» [3] و «فلان أسد البلاد» [4] و «هو الأسد الأسود» [5] . و قيل لحمزة بن عبد المطّلب أسد اللّه. فكفاك من نبل الأسد أنّه اشتقّ لحمزة بن عبد المطّلب من اسمه. و يقال للملك أصيد إذا أرادوا أن يصفوه بالكبر و بقلّة الالتفات [6] ، و بأنّ أنفه فيه أسلوب [7] و لأنّ الأسد يلتفت معا لأنّ عنقه من عظم واحد. و قال حاتم: [من البسيط]
هلاّ إذا مطر السماء عليكم # و رفعت رأسك مثل رأس الأصيد [8]
و قال الآخر: [من الطويل]
يذودون كلبا بالرّماح و طيّئا # و تغلب و الصّيد النواظر من بكر
و قال الآخر: [من المتقارب]
و كم لي بها من أب أصيد # نماه أب ما جد أصيد
و بعد فإنّ الذي يأكل الجيفة لم يبعد من طبع كثير من الناس؛ لأنّ من الناس من يشتهي اللحم الغابّ، و منهم من يشتهي النّمكسود. و ليس بين النّمكسود و بين المصلوب اليابس كبير فرق، و إنّما يذبحون الدّيكة و البطّ و الدّجاج و الدّرّاج من أوّل الليل، ليسترخي لحمها، و ذلك أول التّجييف.
فالأسد أجمع لهذه الخصال من الكلب، فهلاّ ذكرتم بذلك الأسد و هو أنبه ذكرا و أبعد صيتا.