الجعلين ناشئان من غرض واحد، كان التقييد في الثاني في قوّة التقييد في الأول، و لذا نعبّر عن الثاني بمتمم الجعل الأول.

605- اذا استحال التقييد استحال الاطلاق أيضاً على رأي النائيني من أن التقابل بين الاطلاق و التقييد الثبوتيين تقابل العدم و الملكة، فيبقى الجعل الشرعي مهملًا، بيّن رأي النائيني في كيفية رفع هذا الاهمال، و تعيّن اطلاق الجعل تارة و تقييده أخرى.

- كيفيّته أن يصدر الشارع جعلًا ثانياً متمماً للأول، يتكفّل إثبات نفس الحكم للعالم بالجعل الأوّل خاصة إذا أراد التقييد، و للمكلّف مطلقاً من حيثُ علمه بالجعل الأوّل و جهله به، إذا أراد الاطلاق.

606- قال النّائيني: يمكن تقييد الحكم بالعالم به، عن طريق جعل ثان يتكفل إثبات نفس الحكم للعالم بالجعل الأول، بيّن ما يرد عليه، على افتراض إرادته تقييد فعليّة الحكم في الجعل الثاني، بالعلم بالجعل الأوّل.

- يرد عليه: أنه و إن كان معقولًا، لكنه تطويل بلا طائل؛ إِذ يمكن إعمال هذا التقييد في الجعل الأوّل، بأن يقول المولى مثلًا: العالم بوجوب القصر على المسافر يكون هذا الوجوب فعليّاً في حقّه، أي أنه يقيّد الفعليّة بالعلم بالجعل و الانشاء.

607- قال النائيني: يتمكن المولى من تقييد الحكم بخصوص العالم به، بإصدار جعل ثان يتكفّل إثبات ذلك الحكم للعالم بالجعل الأول، بيّن ما يرد عليه، على فرض إرادته تقييد الحكم الفعلي في الجعل الثاني بالعلم بفعليّة المجعول في الجعل الأوّل المهمل.

- يرد عليه: أنه غير معقول؛ لأنّ فعليّة المجعول بالجعل الأول المهمل، إِما أن تكون مقيّدة بالعلم به، أو لا، فعلى الأوّل يعود محذور توقف الشي‌ء على العلمِ به، و على الثاني يلزم الخلف، و أن يكون الجعل المهمل الذي لا اطلاقَ فيه مطلقاً؛ لأن ثبوت مجعوله دون توقّف على القيد هو معنى الاطلاق.

608- تكلّم على إمكان التمسك باطلاق دليل الحكم، لنفي دخل قيد العلم به في موضوعه. بناءً على إمكان التقييد و الاطلاق معاً، و بناءً على استحالتهما معاً.

- بناءً على إمكان الاطلاق و التقييد معاً، يمكن التمسك باطلاق الدليل لنفي تقييد الحكم بالعلم به، كما هي الحال في نفي سائر القيود المحتملة بالاطلاق، و لا يمكن ذلك بناءً