عليّا في صفّين [1]، و بعد أن استتب الأمر لمعاوية، و نصّب مروان واليا على المدينة جعل مروان يؤذي الإمام الحسن، و يجرّعه الغيظ [2]، ثمّ كانت مجزرة الطّفّ، و ظهرت مخازي الأمويّين في أبشع صورها.
و بعد هذا كلّه لا يصفح الإمام زين العابدين عن أسواء اميّة، و يتجاهلها فحسب، بل أحسن إليهم، و حمى لهم العيال و الأطفال، و ضمّهم إلى أهله و أولاده، و دفع عنهم السّوء و الأذي، هذا بعد أن ذبح الأمويون أخاه الرّضيع [3]، و أوطأوا الخيل صدر أبيه و ظهره [4]، و أسروا الإمام زين العابدين مع عمّاته مكبّلا بالحديد، و هو لما به من الأسقام و الآلآم [5].
و يعجب كلّ من عرف هذه الحقيقة، و يتساءل في حيرة و ذهول: كيف فعل الإمام زين العابدين هذا الفعل مع من وقف ذاك الموقف معه، و مع جدّه، و أبيه، و عمّه، و اخوته، و نسائه؟! و هل هذا حلم و عقل، أو إنسانيّة و رحمة؟!.
[1] انظر، الاسيعاب: 64- 67، وقعة صفّين: 462 طبعة 2 سنة 1382 ه، شرح النّهج لابن أبي الحديد: