«أمّا بعد، يا أهل الكوفة، يا أهل المكر، و الغدر، و الخيلاء، فإنّا أهل بيت ابتلانا اللّه بكم، و ابتلاكم بنا فكذبتمونا و كفّرتمونا، و رأيتم قتالنا حلالا، و أموالنا نهبا.
ويّلكم، أتدرون أي يد طاعنتنا منكم، و أيّة نفس نزعت إلى قتالنا، أم بأيّة رجل مشيتم إلينا تبغون محاربتنا قست قلوبكم، و ختم على سمعكم و بصركم و سوّل لكم الشّيطان و أملى لكم، و جعل على بصركم غشاوة فأنتم لا تهتدون.
«تبّا لكم يا أهل الكوفة، أي ترات لرسول اللّه قبلكم؟ و ذحول له لديكم؟ بما غدرتم بأخيه عليّ بن أبي طالب، و عترته الطّيبين الأخيار» [1].
و مرّت الأيّام، ثمّ أمر يزيد النّعمان بن بشير أن يجهزها و من معها بما يصلحهم في رحلتهم إلى المدينة المنورة.
و ذهبت السّيّدة زينب إلى المدينة، و كان وجودها فيها كافيا لأنّ تلهب المشاعر، و تؤلّب النّاس على الطغاة، فأخرجت من المدينة بعد أن اختارت مصر دارا لإقامتها.
و قد شرّفت مصر بقدومها رضي اللّه عنها عند بزوغ هلال شعبان سنة إحدى و ستين هجريّة.
و تقدّم لها مسلمة بن مخلّد الأنصاري و إلي مصر، و عزّاها في خشوع و خضوع، و بكى فبكت، و بكى الحاضرون.
محمود يوسف
[1] انظر، مناقب آل أبي طالب: 3/ 261، بلاغات النّساء: 4، اللّهوف في قتلى الطّفوف: 87.