و دخل الموكب الحزين الكوفة و تجمع أهلها يبكون فقالت لهم زينب:
«أمّا بعد يا أهل الكوفة
أتبكون؟ فلا سكنت العبرة، و لاهدأت الرّنّة
إنّما مثلكم مثل الّتي نقضت غزلها من بعد قوّة انكاثا، تتخذون أيمانكم دخلا بينكم، ألا ساء ما تزرون.
أي و اللّه، فابكوا كثيرا، و اضحكوا قليلا، فلقد ذهبتم بعارها و شنارها، فلن ترحضوها بغسل أبدا
و كيف ترحضون قتل سبط خاتم النّبوّة، و معدن الرّسالة و مدار حجتكم، و منار محجتكم، و هو سيّد شباب أهل الجنّة ....؟.
لقد أتيتم بها خرقاء شوهاء.
أتعجبون لو أمطرت دما.؟.
ألا ساء ما سوّلت لكم أنفسكم أن سخط اللّه عليكم، و في العذاب أنتم خالدون.
أ تدرون أي كبد فريتم؟ و أي دم سفكتم؟ و أي كريمة أبرزتم؟ لقد جئتم شيئا إدّا، تكاد السّموات يتفطرن منه و تنشق الأرض، و تخر الجبال هدّا».
قال من سمعها:
«فلم أر و اللّه خفرة أنطق منها، كأنّما تنزع عن لسان أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب. فلا و اللّه ما اتّمت حديثها حتّى ضجّ النّاس بالبكاء، و ذهلوا، و سقط ما في ايديهم من هول تلك المحنة الدّهماء».
- البداية و النّهاية: 8/ 210، تأريخ الطّبري: 3/ 336 و: 6/ 268، ذخائر العقبى: 150، نور الأبصار للشّبلنجي: 2/ 245، بتحقّيقنا.