جرى ديدنه تعالى في نصب الشهود على أعمالنا من النبيّين، و الوصيّين، و الكرام الكاتبين، و الجوارح، مع أنّه منزّه عن شوائب الغفلة و الجور، و عالم لا يخفى عليه شيء في السموات و الأرض.
و لكن مع ذلك كلّه يمكن أن يوجّه كلام المصنّف بأنّ مراده من عدم ملازمة ذمّ الفاعل العقاب شرعا، عدم ملازمته العقاب على الفعل، لا عدم ملازمته مطلقا، لا على الفعل و لا على الفاعل، و إن كان هذا التوجيه بعيد عن ظاهر كلامه.
[بحث في عدم العقاب على أمر لا يرجع إلى الاختيار]
قوله: «إلّا أنّ عدم العقاب لأمر لا يرجع إلى الاختيار قبحه غير معلوم ... إلخ».
[أقول:] و قد ناقش فيه أستاذنا العلّامة: بأنّ التفكيك بين فرض المصادفة من الأفعال الراجعة إلى الاختيار، و بين فرض عدمها ممّا لا يرجع إليه غير معقول، لأنّ المصادفة إن كانت من مقولة التسبيبات و الأفعال التوليدية المستندة إلى الاختيار و العلّة الأولى عرفا رجع كلّ من المصادفة و عدمها إلى الاختيار، و استند كلّ منهما عرفا إلى العلّة الاولى.
و إن كانت المصادفة من مقولة «البخت و الطالع» المستندة إلى القضاء الاتفاقي و التقديرات السّماوية الخارجة عن الاختيار لم يرجع شيء منهما إلى الاختيار عرفا، فالتفكيك بين استناد المصادفة إلى الاختيار و عدمها إلى عدم الاختيار لا وجه له.
أقول: و يدفعه، نقضا: بما استشهد به المصنّف [1] من الأخبار الواردة في:
«أنّ من سنّ سنّة سيّئة كان له مثل وزر من عمل بها» [2] فإنّ مقتضاها كثرة عقوبة