قوله: «و من هنا يتّضح دخولها في مسائل اصول الفقه ... إلخ».
أقول: لا إشكال في أنّ البحث عن دليلية الدليل، و حجّية الحجّة من مسائل علم الكلام الباحث عن المبدأ و المعاد، كالبحث عن صفاته تعالى و أفعاله، و حجّية قول المعصوم و عصمته، و لا في أنّ البحث في دلالة الدليل و أحواله من مسائل علم الاصول الباحث عن دلالة الأدلّة و أحوالها، كمبحث التعادل و التراجيح؛ فإنّ البحث فيها بحث عن الأدلّة باعتبار التعارض، و هو القدر المتيقّن اندراجه في علم الاصول.
[هل البحث عن حجّية الخبر بحث من مباحث علم الاصول؟ 305]
إنّما الإشكال في الصغرى، أعني في أنّ البحث عن حجّية خبر الواحد و أمثاله- من حجّية الكتاب و حجيّة الإجماع و الاجتهاد و غيرها- هل هو ناظر إلى أنّ الدليل- و هو قول الحجّة- يثبت بخبر الواحد و الاجتهاد و بظواهر الكتاب لغير المشافه بها، و نحو ذلك ليندرج في علم الاصول، أم ناظر إلى حجّية خبر الواحد و الاجتهاد و الكتاب بالنسبة إلينا؟ مع الإغماض عن كونه قول الحجّة ليندرج في علم الكلام.
و كذا الإشكال في أنّ البحث عن الأمر و النهي و العامّ و الخاصّ و المطلق و المقيّد، و سائر مباحث الألفاظ هل هو باعتبار وقوعها في الكتاب و السنّة، لئلّا يكون موضوع مباحثهم مطلق تلك الامور، بل المقيّد منها بالوقوع في الكتاب و السنّة فيندرج في علم الاصول، أم هو باعتبار عمومها، كعموم مباحث النحو و الصرف و اللغة ليكون موضوع مباحثهم مطلق تلك الامور لتكون من مبادئ علم الاصول، لا من نفس علم الاصول؟
وجهان:
و الأظهر من الوجهين في كلّ من الإشكالين هو الثاني لا الأول، حملا لنظر كلّ ذي فنّ على فنّه، فإنّ انصراف نظر ذي الفنّ عن فنّه إمّا ينشأ عن السهو