فيكون الدليل أخص من الدعوى، بل ربما يقال: أن الإضافة تفيد العهد فتكون دالة على أن الأمر المعهود للوجوب، و حينئذ فلا تدل على أن كل أمر منه تبارك و تعالى للوجوب.
ثالثها: أن الحذر كان من خوف الفتنة أو العذاب، و الأول يناسب السنن لأنه أثر وضعي لها، و الثاني يناسب الإلزاميات، و حينئذ فهي تدل على أن الأمر للأعم من الوجوب و الاستحباب.
رابعها: أن المراد من الأمر فيها ليس هو الأمر بالمادة، بل الأوامر الواردة بصيغة افعل، و حينئذ تكون أجنبية عما نحن فيه، و يشهد لذلك أن الأوامر الواردة في الكتاب و السنة وردت بالصيغة، فمادة الأمر تكون حاكية عن الطلب المنشأ بالصيغة.
خامسها: أن معنى المخالفة هنا حمل الشيء على ضده، و لا بد من صرفه إلى ذلك بقرينة (عن)، لأن المخالفة بمعنى العصيان متعدية بنفسها، فتعديتها بعن دليل على ذلك.
و الجواب: أنها قد تكون بمعنى الإعراض فيكون فيها عصيان و زيادة، و هو يتعدى ب (عن)، و بالجملة لا ريب في أن الأمر هنا للوجوب، و لكنّ الظاهر أنه يحكي عن الطلب المنشأ بالصيغ لا بالمادة.
و يمكن الاستدلال على كونها حقيقة في الطلب المشترك بين الوجوب و الندب بأمور:
أولها: تقسيمه إلى الإيجاب و الاستحباب،
و القدر المشترك هو الذي يقبل القسمة دون المشترك اللفظي، و دون الحقيقة و المجاز، لأنه إنما يقال في المشترك