و لا ريب أنّ هذا النوع خارج عن العوارض السبعة و لو أدعي انطباق أحدها عليه جدلا كان من العوارض الغريبة عن ذات الموضوع كما هو واضح.
موضوع العلم و غايته
وجه الحاجة لمعرفة موضوع العلم و غايته
لا ريب أنّ العاقل لا يطلب الشيء إلا بعد تصوره و رغبته فيه، و لا ريب أنّ تصور المجهول جهلا مطلقا مستحيل.
و يتفرع على ذلك: أنّه يستحيل على العاقل أن يطلب علما من العلوم قبل تصوره، و لو تصورا إجماليا، و لا ريب أنّ معرفة موضوع العلم و غايته توجب تصوره في الجملة، و من أجل ذلك وجب البحث عنهما ليعرفهما الطالب قبل الشروع في مسائل العلم، لأنّ الطالب إذا عرف العلم و عرف فائدته رغب في طلبه.
هذا مضافا إلى أنّ ذلك العلم إنّما يتميز عن غيره من العلوم إمّا بالموضوع المطلق و إمّا بالموضوع المحيّث بالغاية، و من أجل ذلك لا بد من معرفة الموضوع أو الغاية.
مائز العلوم
بيان ما به يمتاز علم عن علم آخر:
اختلف الأصوليون منذ عهد صاحب الفصول حتى الساعة في ما يتميز به بعض العلوم عن بعضها الآخر على أقوال:
فقد قيل: إنّ التمايز يكون بالموضوعات المرسلة، و قيل إنّه بالموضوعات المحيثة، و قيل: إنّه بالأغراض و الغايات، و لا ريب أنّ ذلك كله ممكن و إن نوقش فيه.