و غفلوا عن أن لفظ الابتداء موضوع للابتداء الإخطاري، المستعمل في الابتداء المتصور بنفسه، و ان مفهوم الابتداء اللحاظي الذي هو مفاد (من) موضوع للابتداء الربطي في غيره، و ان كلا من المفهومين يباين الآخر، و من أجل ذلك لا تكون (من) مرادفة للفظ الابتداء و لا يصح استعمال أحدهما في مكان الآخر، و من هذا يتضح أنّ قولنا في زيد الموجود خارجا هذا إنسان، نظير قولنا (من) في سرت من البصرة للابتداء، و أنّ هذا الحمل ليس حملا ذاتيا أوليا، كما هو الحال في قولنا الإنسان حيوان ناطق، بل هو نظير الحمل الشائع الصناعي في قولنا زيد إنسان و من للابتداء.
و ربما يكون هذا الحمل ضربا ثالثا من ضروب الحمل، و حينئذ يكون الحمل على ثلاثة أنواع:
الأوّل: الحمل الذاتي الأوّلي و هو حمل الحد على المحدود كقولنا الإنسان حيوان ناطق، فانهما أمر واحد ذهنا و خارجا، و لا يختلفان إلا بالإجمال و التفصيل.
الثاني: الحمل الشائع الصناعي كقولنا. زيد كاتب و خالد شاعر فانهما متحدان خارجا و مختلفان مفهوما.
الثالث: حمل الشيء على نفسه كقولنا هذا زيد، و سعيد كرز، و لا ريب في عدم صحته إلا بالتأويل، و لذا أوّله النحاة و قالوا إنّ مرجعه إلى هذا: صاحب هذا الإسم.
(خاتمة)
قيل إنّ مبحث المعنى الحرفي لا ثمرة له، و لكن ربما تظهر الثمرة في باب الواجب المشروط بالنسبة لرجوع القيد فيه إلى الهيئة أو إلى المادة، و في جواز