العرف و العادة رجعت للشرعية، و إلا فلا أهمية لها بعد إمكان حصول المطلوب بدونها عقلا.
و يمكن أن يقال أن المراد بالعادية أحد فردي المقدمة العقلية، فإن الصعود للسطح بواسطة الطيران ممكن عقلا لإمكانه الذاتي لغير الطائر بالفعل كالإنسان، و لكنه ممتنع عادة، و حينئذ يكون نصب السلم متعينا عقلا بحسب العادة، و بهذه الملاحظة سميت مقدمة عادية مع أنها عقلية.
التقسيم الثالث تقسيمها إلى مقدمة الوجود و الصحة و الوجوب و العلم:
كما ذكره في الكفاية، و يزاد هنا قسم خامس و هو مقدمة القدرة على الامتثال، التي ليس فيها ملاك واحدة من الأربع الآنفة، كغسل جزء من الرأس مقدمة للقدرة على غسل الوجه، و كالإمساك في جزء من الليل للقدرة على تحققه في أول النهار لعدم إمكان الابتداء من أوله حقيقة، و مثله الطواف و السعي في افتقارهما لزيادة شيء في أولهما و آخرهما.
و الفرق بينها و بين مقدمة العلم هو أن المكلف به هنا غير مجهول، بخلاف مقدمة العلم كما في الصلاة للجهات الأربع، و من الواضح أيضا أنها ليست من الأقسام الثلاثة، فإن مقدمة الوجود هي التي يتوقف وجود الشيء عليها، و يكون لها دخل في وجوده، لا في القدرة على إيجاده و امتثاله، و مقدمة القدرة هي التي يكون الشيء ممكنا بدونها لو اتضحت حدود المأمور به و أمكن فصله عن غيره، أما مقدمة الوجود فهي نظير العلة التي يتقدم عليها المعلول، و قد تقدم توضيح ذلك في الأمر الخامس من المقام الأول.
إذا عرفت هذه الأقسام فاعلم: أن مقدمة الصحة ترجع إلى مقدمة الوجود، لعدم إمكان وجود الماهية الشرعية بدونها، فهي مما يتوقف عليها الوجود،