لا ريب أنّ الأمر لا يدل بمادته و لا بهيئته إلا على طلب الطبيعة أي إيجاد الداعي للفعل في نفس المكلف، و ليس معنى ذلك أنه يجوز للمكلف بغير الموقّت إهمال ما كلّف به على وجه يعد متهاونا في امتثال أوامر المولى.
و أما قوله تعالى وَ سارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ[1] و قوله تعالى فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ*[2] فإنّه ظاهر في الاستحباب و إلا لما تحققت المسارعة و الاستباق.
هذا مضافا إلى أنّه لو كان الأمر ظاهرا في الفورية للزم تقييد الأوامر المتعلقة بالاستحباب بعدم الفورية و هو مما يستلزم تخصيص الأكثر.
و قد يقال: إنّ الاستحباب قرينة عرفية على عدم الفورية.
و يترتب على هذا البحث بحث أخر و هو أنّ المكلف لو لم يبادر إلى الامتثال في الزمن الأول فهل يجب عليه المبادرة في الزمن الثاني أم لا؟.
و التحقيق: ما قلناه في أول هذا المبحث من أنّ طلب الطبيعة لا يدل على أكثر من طلبها فكيف يكون دالا أو ظاهرا في المبادرة إلى طلبها في الزمن الثاني أو الثالث، و من ذلك يظهر أن هذا البحث لا يتوقف على كون الأمر متعلقا بالمأمور به بنحو وحدة المطلوب أو تعدده. و اللّه المسدد.