و لعلّه لأجل هذا حكي عن صاحب الفصول، انه عدل عن هذا المذهب، فجعل الموضوع هو الأدلة الأربعة بما هي هي، معرّاة عن كل شيء فيكون البحث عما يتعلق بها بحثا عن عوارضها لا عنها نفسها.
و التحقيق: أنّه إن أريد بالسنة الأعم من الحاكي و المحكي، كان البحث عن حجية الخبر بحثا عنه بمفاد كان الناقصة، و يكون بحثا عن عوارض الدليل.
و مما ذكرنا يتضح الحال بالنسبة للبحث في باب الملازمات، كالبحث عن إمكان اجتماع الأمر و النهي و عدمه، و عن اقتضاء الأمر بالشيء للنهي عن ضده و عدمه، و عن كون الأحكام الوضعية مجعولة تبعا أو استقلالا، أو ليست مجعولة أصلا، و عن تبعية المقدمة في الوجوب لذيها و عدمه، و أنّه بحث عن نفس الحكم العقلي لا عن عوارضه و شئونه.
تعريف علم الأصول
اعلم أنّهم ذكروا له عدة تعاريف، و لا ريب أنّ المقصود منها واحد، و لا ريب في إمكان إرجاع بعضها إلى بعض، و الأولى تعريفه بأنّه:
العلم بالقواعد التي إذا انضمت إليها صغرياتها أنتجت حكما شرعيا.، و الظاهر أنّه لا مانع من إضافة قولهم أو التي ينتهى إليها في مقام العمل، و إن كانت غير مانعة من دخول المسائل الفقهية.
في الفرق بين المسألة الأصولية و المسألة الفقهية
الفرق بين المسألة الأصولية و الفقهية أن الأصولية تقع كبرى في طريق استنباط الحكم الفرعي الكلي و يختص بها المجتهد، بخلاف الفقهية فإن موضوعها فعل المكلف و محمولها الأحكام التكليفية- كما قيل- بل ربما يقال ان محمولها مطلق الأحكام تكليفية و وضعية فتأمل، و هي ايضا لا تقع في طريق استنباط الحكم الكلي