و لقائل أن يقول يمكن أن يتكفل دليل واحد لبيان حكم كلتا القاعدتين أما على القول بجواز استعمال اللفظ الواحد في أكثر من معنى فارد فواضح و ظاهر و أمّا إرادة الجامع بين الأمرين فالظاهر إمكانه في مقام الثبوت و التصوّر و ذلك بأنّ المولى يلاحظ كلا الموردين و يرى المصلحة في اعتبار الصحة فيقول إذا شككت في شيء أعم من أن يكون الشك في صحة الموجود أو الشك في أصل الوجود فابن عليه و لا إشكال فيه أصلا.
و لعمري أن هذا أوضح من أن يخفى فتحصل ممّا تقدم أمران: أحدهما أن قاعدة التجاوز غير قاعدة الفراغ، ثانيهما أنه يمكن تصوير الجامع بين القاعدتين في مقام الثبوت و التصور.
الجهة الثالثة: في بيان الأدلة التي تدل على الاعتبار
و العمدة النصوص الواردة في هذا المجال بل الدليل منحصر فيها إذ السيرة و الإجماع على فرض تسلمهما لا تكونان دليلين في قبال النصوص.
و بعبارة أخرى: النصوص منشأ الإجماع و السيرة فلا بدّ من ملاحظة كل واحد من هذه النصوص و مقدار دلالته بعد تمامية سنده.
فنقول: من تلك النصوص ما رواه زرارة قال: قلت لأبي عبد اللّه (عليه السّلام) رجل شك في الأذان و قد دخل في الاقامة قال: يمضي قلت: رجل شك في الأذان و الإقامة و قد كبّر قال: يمضي قلت: رجل شك في التكبير و قد قرأ قال:
يمضي قلت: شك في القراءة و قد ركع قال: يمضي قلت: شك في الركوع و قد سجد قال: يمضي على صلاته ثم قال: يا زرارة إذا خرجت من شيء ثم دخلت في غيره فشكّك ليس بشيء [1].