ومع كل ذلك فقد ورد الاحتجاج في معرض الإنكار بهذه النصوص ونحوها في الصدر الأول من أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) ومن توجه وجهته، وقد روى الشيعة الكثير من ذلك بما لا يسعنا استقصاؤه، فليطلب من المطولات [1].
وقد يدعي المدعي: أن ما ترويه الشيعة في هذا المجال حجة عليهم، ولا يكون حجة على غيرهم.
لكنه يندفع بأن النص قد ثبت بروايات الفريقين الملزمة لهم، كما تقدم، وليس في المقام إلا استبعاد وجود النص مع عدم الاستدلال به في الصدر الأول. وذلك إنما يتجه مع اليقين بعدم حصول الاستدلال به، أما مع احتمال حصوله فلا مجال للاستبعاد المذكور. وروايات الشيعة إن لم توجب اليقين بحصول الاستدلال لكثرته، فلا أقل من أن توجب احتمال ذلك، وهو كافٍ في منع الاستبعاد، وفي دفع الإشكال على النص.
ومجرد عدم ذكر الجمهور للاستدلال بالنص لا يصلح قرينة على تكذيب الشيعة فيما رووه. ولاسيما مع ما هو المعلوم من اهتمام الجمهور بالتعتيم على كل ما يقدح في خلافة الأولين وعدالتهم، بل عدالة جميع الصحابة. وشواهد ذلك كثيرة يظهر بعضها بالرجوع لما ذكرناه في جواب السؤال الثامن من الجزء الثالث من كتابنا (في رحاب العقيدة) وغيره.