ومثل ذلك ما قد يقال: إن ذلك لا يتناسب مع ما عليه الإمامية من غيبة الإمام الثاني عشر (عجّل الله فرجه)، لظهور أن الغرض من نصب الإمام إذا كان هو منع الخلاف في الدين، وحفظه من الخطأ والتحريف، فهو لا يتأتى إلا بظهور الإمام وإمكان الوصول إليه لرفع الخلاف وبيان الحق في مورد الجهل. أما مع غيبته فلا يتأتى الغرض المذكور، بل وجوده من هذه الجهة كعدمه.
دفع الدعوى المذكورة
فإنه يندفع: بأن غيبة الإمام الثاني عشر (عجّل الله فرجه) لم تؤخذ في إمامته، بل شرعت إمامته (عليه السلام) ليظهر ويؤدي وظيفته في بيان الدين ورفع الخلاف فيه على أكمل وجه، وإنما اضطر (عليه السلام) للغيبة بسبب التداعيات والمضاعفات التي جرّ إليها تقصير الناس في القيام بوظيفتهم إزاء الإمامة التي شرعها الله تعالى من أجل الغرض المذكور.
فغيبته (صلوات الله عليه) في ذلك نظير تقية آبائه (صلوات الله عليهم) من الظالمين، أو سجن بعضهم، بحيث تعذر عليهم أداء وظيفتهم كاملاً في حفظ الدين من الضياع والخلاف. ولا محذور في ذلك كله بعد أن لم يكن ناشئاً من قصور في التشريع، بل من تقصير الناس أنفسهم ومنعهم من تطبيقه على واقع المسلمين.
وقد أفضنا الكلام في ذلك في جواب السؤال الخامس من الجزء