ظاهراً على كذبه مانعاً من تصديق الناس به، رفعاً للشبهة وإتماماً للحجة.
لأن الحكمة كما تقتضي تأييد الصادق بالحجة والبرهان والمعجز، تقتضي خذلان الكاذب، وجعله بحال لا يمكن عقلاً تصديقه على الله تعالى، بل تضطر العقول إلى تكذيبه، لئلا يلتبس الأمر على ضعاف الناس، ويجوز تمويهه عليهم، بنحو يعذرون فيه.
وهو مناسب للواقع الخارجي، فإن العهدين القديم والجديد اللذين عليهما تعتمد الديانتان اليهودية والنصرانية المعاصرتان، وتريان تمثيلهما دين الله الحق، قد تضمنا تناقضات عجيبة، وأموراً منكرة، ومخزيات فظيعة تظهر لكل ذي إدراك سوي. ولا مبرر لوجودها فيهما لولا خذلان الله تعالى، من أجل تنبيه الناس تثبيتاً لحكمته، وإتماماً لحجته.
وكذا الحال في بعض ما اطلعنا عليه من الكتب المفتعلة في العصور القريبة. فإنها من الاضطراب والهبوط في مستواها بحدٍّ لا يرضى ذو الكرامة والرشد بنسبتها له، فضلاً عن نسبتها لله جلّ شأنه: ((قُل فَللّهِ الحُجَّةُ البَالِغَةُ فَلَو شَاءَ لَهَدَاكُم أجمَعِينَ))[1].
ثانيهما: ما ذكره بعضهم من أن القرآن المجيد لم ينزل ولم يعلن للناس كتاباً مجموعاً منسق، بعد نقد وتمحيص، وإنما نزل نجوماً متفرقة في ضمن ثلاث وعشرين سنة، وفي ظروف متباينة أشد التباين، وبمناسبات مختلفة سنخاً وهدف، وكثير منها مفاجئات غير محتسبة، ليهيأ لها من الحديث م