لهذه الدعوة أساليبها السياسية والاقتصادية والأخلاقية . وحين فسر الاشتراكيون قيمة السلعة : بالعمل المنفق على إنتاجها ، شجبوا الربح الرأسمالي ، وتبنوا المذهب الاشتراكي في التوزيع ، الذي يجعل الناتج من حق العامل وحده ، لأنه الخالق الوحيد للقيمة التي يتمتع بها الناتج . وهكذا أخذت جملة من النظريات العلمية تؤثر على النظرة المذهبية ، وتنير الطريق أمام الباحثين المذهبين . [1] . وجاء بعد ذلك دور ماركس ، فأضاف إلى الرصيد الفكري للمذهب الاقتصادي شيئا جديدا ، وهو : علم التأريخ أو ما أسماه بالمادية التأريخية ، التي زعم فيها : أنه كشف القوانين الطبيعية التي تتحكم في التأريخ ، واعتبر المذهب نتاجا حتميا لتلك القوانين . فلكي نعرف المذهب الاقتصادي الذي يجب أن يسود في مرحلة معينة من التأريخ ، يجب أن نرجع إلى تلك القوانين الحتمية لطبيعة التأريخ ونكشف عن مقتضياتها في تلك المرحلة . ولأجل ذلك آمن ماركس : بالمذهب الاشتراكي والشيوعي ، بوصفه النتاج الحتمي لقوانين التأريخ ، التي بدأت تتمخض عنه في هذه المرحلة من حياة الإنسان . وبهذا ارتبط المذهب الاقتصادي بدراسة علم التأريخ كما ارتبط قبل ذلك ببعض الدراسات في علم الاقتصاد السياسي . وعلى هذا الأساس ، فنحن حين نطلق كلمة : " الاقتصاد الإسلامي " لا نعني بذلك علم الاقتصاد السياسي مباشرة ، لأن هذا العلم حديث الولادة نسبيا ، ولأن الإسلام دين دعوة ومنهج حياة وليس من وظيفته الأصلية ممارسة البحوث العلمية ، وإنما نعني بالاقتصادية الإسلامي : المذهب الاقتصادية للإسلام ، الذي تتجسد فيه الطريقة الإسلامية في تنظيم الحياة الاقتصادية ، بما يملك هذا المذهب ويدل عليه من رصيد
[1] يجب أن نلاحظ هنا : أن كثيرا من النظريات العلمية في الاقتصاد السياسي ، ذات موقف سلبي بحت من المذهب ، كالنظريات التي تشرح نقاطا من الحياة الاقتصادية موضوعة في إطار مذهبي ثابت ، وانما تتأثر النظرة المذهبية مباشرة ، بالنظريات التي تعالج نقاطا مطلقة في الحقل الاقتصادي ، لا نقاطا نسبية موضوعة في هذا الإطار المذهبي الخاص أو ذاك . ( من المؤلف )