الاعتماد على العمل . حين يتم كل ذلك ، يصبح في مستوى قدرة ذلك الفرد الاعتماد على العمل المأجور ، في استخراج وحيازة المواد الخام من ثروات الطبيعة . وهذا ما تم فعلاً في الواقع المعاش ، إذ أصبح العمل المأجور والإنتاج الرأسمالي هو الأساس في استخراج وحيازة تلك المواد . وعند هذا فقط يظهر بشكل بارز التناقض بين النظرية في الاقتصاد الإسلامي ، وبين الرأسمالية ، ويبدو لكل ممارس - ما لم يكن أعمى - : أن النظرية ليست ذات طبيعة رأسمالية ، وإلا فأي اقتصاد رأسمالي يحارب الأسلوب الرأسمالي في حيازة الثروات الطبيعية ؟ ! . وهكذا نجد أن إنسان عصر الإنتاج الرأسمالي ، الذي يملك الآلات التي تقطع كميات هائلة من خشب الغابات في ساعة ، وتوجد في محفظته النقود التي تغري المتعطلين من العمال بالعمل عنده ، واستخدام تلك الآلات في اقتطاع الخشب ، وتتوفر لديه وسائط النقل التي تنقل تلك الكميات الضخمة إلى محلات البيع ، وتوجد بانتظاره الأسواق التي تهضم كل تلك الكميات . إن هذا الفرد هو الذي سيشعر إذا عاش حياة إسلامية ، بمدى مناقضة النظرية في الإسلام لمبدأ الحرية الاقتصادية في الرأسمالية ، حينما لا تسمح له النظرية بإقامة مشروع رأسمالي لاقتطاع الخشب من الغابة ، وبيعه بأغلى الأثمان . فالنظرية إذن لم تبرز وجهها كله من خلال التطبيق الذي عاشته ، والفرد الذي عاش تطبيقها لم يتجل له وجهها الكامل خلال المشاكل والعمليات التي مارسها في حياته ، وإنما يبدو ذلك الوجه الكامل من خلال النصوص بصيغها العامة المحددة . وأولئك الذين اعتقدوا بأن الاقتصاد الإسلامي رأسمالي ، يؤمن بالحريات الرأسمالية ، قد يكون لهم بعض العذر إذا كانوا قد استلهموا إحساسهم من خلال دراسة إنسان عصر التطبيق ، والقدر الذي كان يشعر به من الحرية ، ولكن هذا إحساس خادع ، لأن إلهام التطبيق لا يكفي بدلاً عن معطيات النصوص التشريعية والفقهية نفسها ، التي تكشف عن مضمون لا رأسمالي . وفي الواقع : أن الاعتقاد بوجود مضمون لا رأسمالي للنظرية الاقتصادية في الإسلام على ضوء ما قدمناه . . ليس نتيجة تطوير أو تطعيم أو عطاء ذاتي جديد