responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : اقتصادنا نویسنده : الصدر، السيد محمد باقر    جلد : 1  صفحه : 396


والسبب في ذلك واضح ، لأن أحكام الشريعة تؤخذ من الكتاب والسنة ، أي من النص التشريعي ، ونحن بطبيعة الحال نعتمد في صحة كل نص على نقل أحد الرواة والمحدثين - باستثناء النصوص القرآنية ومجموعة قليلة من نصوص السنة التي ثبتت بالتواتر واليقين - ومهما حاولنا أن ندقق في الراوي ووثاقته وأمانة الرواة إلا تاريخياً ، لا بشكل مباشر ، وما دام الراوي الأمين قد يخطئ ويقدم الينا النص محرّفاً ، خصوصاً في الحالات التي لا يصل الينا النص فيها إلا بعد أن يطوف بعدة رواة ، ينقله كل واحد منهم إلى الآخر ، حتى يصل الينا في نهاية الشوط . وحتى لو تأكدنا أحياناً من صحة النص ، وصدوره من النبي أو الإمام ، فإننا لن نفهمه إلا كما نعيشه الآن ، ولن نستطيع استيعاب جوّه وشروطه ، واستبطان بيئته التي كان من الممكن أن تلقى عليه ضوءاً . ولدى عرض النص على سائر النصوص التشريعية للتوفيق بينه وبينها ، قد نخطئ أيضاً في طريقة التوفيق ، فنقدم هذا النص على ذاك ، مع أن الآخر أصح في الواقع ، بل قد يكون للنص استثناء في نص آخر ولم يصل الينا الاستثناء ، أو لم نلتفت اليه خلال ممارستنا للنصوص ، فنأخذ بالنص الأول مغفلين استثناءه الذي يفسره ويخصصه .
فالاجتهاد إذن عملية معقدة ، تواجه الشكوك من كل جانب ومهما كانت نتيجته راجحة في رأي المجتهد ، فهو لا يجزم بصحتها في الواقع ، ما دام يحمل خطأه في استنتاجها ، إما لعدم صحة النص في الواقع وان بدا له صحيحاً ، أو لخطأ في فهمه ، أو في طريقة التوفيق بينه وبين سائر النصوص ، أو لعدم استيعابه نصوصاً أخرى ذات دلالة في الموضوع ذهل عنها الممارس أو عاثت بها القرون .
وهذا لا عيني طبيعة الحال إلغاء عملية الاجتهاد أو عدم جوازها ، فإن الإسلام - بالرغم من الشكوك التي تكتنف هذه العملية - قد سمح بها ، وحدد للمجتهد المدى الذي يجوز له أن يعتمد فيه على الظن ، ضمن قواعد تشرح عادة في علم أصول الفقه ، وليس على المجتهد إثم إذا اعتمد ظنه في الحدود المسموح بها ، سواء أخطأ أو أصاب .

نام کتاب : اقتصادنا نویسنده : الصدر، السيد محمد باقر    جلد : 1  صفحه : 396
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست