responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : اقتصادنا نویسنده : الصدر، السيد محمد باقر    جلد : 1  صفحه : 363


ففكرة العدالة هي الحد الفاصل بين المذهب والعلم ، والعلامة الفارقة التي تمييز بها الأفكار المذهبية عن النظريات العلمية ، لأن فكرة العدالة نفسها ليست علمية ، ولا أمراً حسياً قابلاً للقياس والملاحظة ، أو خاضعاً للتجربة بالوسائل العلمية ، وإنما العدالة تقدير وتقويم خلقي . فأنت حين تريد أن تعرف مدى العدالة في نظام الملكية الخاصة ، أو تصدر حكماً على نظام الفائدة الذي تقوم على أساسه المصارف بأنه نظام عادل أو ظالم . . لا تلجأ إلى نفس الأساليب والمقاييس العلمية التي تستخدمها حينما تريد قياس حرارة الجو ، أو درجة الغليان في مائع معين ، لأن الحرارة والتبخر ظاهرتان قيم خلقية ومثل عليا ، خارجة عن حدود القياس المادي .
فالعدالة إذن ليست فكرة علمية بذاتها ، وهي لذلك حين تندمج بفكرة تدمغها بالطابع المذهبي وتميزها عن التفكير العلمي . فمبدأ الملكية الخاصة ، أو الحرية الاقتصادية ، أو إلغاء الفائدة أو تأميم وسائل الإنتاج . . كل ذلك يندرج في المذهب ، لأنه يرتبط بفكرة العدالة ، وأما قانون تناقص الغلة ، وقانون العرض والطلب ، أو القانون الحديدي للأجور . . فهي قوانين علمية ، لأنها ليست بصدد تقويم تلك الظواهر الاقتصادية . فقانون تناقض الغلة لا يحكم بأن هذا التناقص عادل أو ظالم ، وإنما يكشف عنه بوصفه حقيقة موضوعية ثابتة ، كما أن قانون العرض والطلب لا يبرر ارتفاع الثمن بسبب قلة العرض أو زيادة الطلب على أساس مفهوم معين عن العدالة ، وإنما يبرز الترابط موضوعياً بين الثمن وكمية العرض والطلب ، باعتباره ظاهرة من الظواهر الحتمية للسوق الرأسمالية ، وكذلك الأمر في قانون الأجور الحديدي ، فهو يشرح الواقع المحتوم للعمال الذي يجعلهم دائماً لا يحصلون في المجتمع الرأسمالي إلا على معيشة الكفاف ، بقطع النظر ما كانت ظالة نصيب العمال في التوزيع تتفق مع العدالة أو لا . فكل القوانين العملية لا ترتكز على فكرة العدالة ، وإنما ترتكز على استقراء الواقع وملاحظة مختلف ظواهره المتنوعة . وعلى العكس من ذلك القواعد المذهبية التي تجسد دائماً فكرة معينة للعدالة .

نام کتاب : اقتصادنا نویسنده : الصدر، السيد محمد باقر    جلد : 1  صفحه : 363
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست