responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الإحكام في أصول الأحكام نویسنده : ابن حزم    جلد : 1  صفحه : 63


قال علي : والعقل لا يوجب على الباري تعالى حكما ، بل الباري تعالى خالق العقل بعد أن لم يكن ، ومرتب له وفيه ما قد رتب مما لو شاء أن يخترعه ويرتبه على خلاف ذلك لفعل . وإنما العقل مفهم عن الله تعالى مراده ، ومميز للأشياء التي قد رتبها الباري تعالى على ما هي عليه فقط .
فقال هؤلاء : إن الكفر والظلم لا يتوهم جواز استباحته .
قال علي : ولا دليل على ما ذكروا ، بل قد كان ممكنا أن يأمرنا تعالى بالكفر به وبجحده وبعبادة الأوثان وبالظلم ، ولكنه تعالى قد أخبرنا أنه لا يفعل ذلك فعلمنا أن ذلك لا يكون أبدا ، ليس لأنه ممتنع منه عز وجل لو شاءه ، ولا أنه تعالى عاجز عن ذلك لو أراده ، ولكن لأنه لا يقول إلا الصدق ، وقد أخبرنا أن ذلك لا يكون ، وأنه لا يرضى لنا الكفر ، ولا يأمر أن نتخذ إلهين اثنين ، فلما أخبرنا بذلك منعنا من كونه ، كما منعنا أن يأتي رسول بعد محمد صلى الله عليه وسلم وكما منعنا من عمارة مكان قفر قد رأيناه غير معمور إلى وقتنا هذا ، ومن خلاء مدينة قد عهدناها معمورة إلى وقتنا هذا ، وقد كان في الممكن خلاء تلك المدائن ، وعمران هذا القفر : ولكن الله تعالى لم يرد ذلك إلى الآن . فعلى هذا الوجه منعنا أن يأمر بالكفر به لا على أن العقل مانع من جواز ذلك لو شاءه عز وجل .
قال علي : وبرهان ذلك أننا واجدون بالمشاهدة أكثر أنواع الحيوان لم تتعبد بالايمان بالله عز وجل ، ولا ركب فيها التمييز الذي لا يعرف الله عز وجل إلا به فلو شاء تعالى أن يجعل الانسان غير مأمور لفعل . ولما كان هنالك شئ يمنعه من ذلك تعالى وجهه ، ولا يوجب عليه فعل ما فعل ولا بد ، وهؤلاء الصبيان الذين بلغوا الأربعة عشر عاما ولم يشعروا ولم يحتلموا بإجماع أكثر الأمة بالايمان أمر إلزام ، ولا منهيين عن الكفر نهي تحريم ، فإذا احتلموا لزمهم الايمان فرضا ، وحرم عليهم الكفر حتما ، ولم يكن بين تعريهم من الأوامر والنواهي ، وبين حلولها عليهم إلا نومة لعلها أقل من مقدار شئ بيضة ، ولم يزد التمييز الذي كان فيهم في تلك النومة شيئا . بل هو على حسبه الذي كان عليه قبل أن ينامها ، ولا فرق . هذا شئ يعلم بالحس والمشاهدة ، يعني تساوي التمييز فيهم في ذينك الوقتين . وهذا شئ قد يشهد النص به ولا خلاف فيه بين جمهور أهل

نام کتاب : الإحكام في أصول الأحكام نویسنده : ابن حزم    جلد : 1  صفحه : 63
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست