responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الإحكام في أصول الأحكام نویسنده : ابن حزم    جلد : 1  صفحه : 52


لذي عقل أن يقول : إن الله تعالى أباح للجائع الجوع ، وللمريض المرض ، ولأهل جهنم الكون في جهنم ، وإنما يقول هذا من لا يعرف الأسماء ولا المسميات ولا حقيقة عبارة الألفاظ عن المعاني .
فإن قال قائل : فإن الشريعة تبطل حكم ما في العقول ، واحتج بأنه قد حسن في العقول الانقياد للامر المنسوخ قبل أن ينسخ ، ثم أتى النسخ فقبح في العقل ما كان فيه حسنا .
قيل له : هذا شغب فاسد ، ولم نكرر أن الشريعة لا تحسن إلا ما حسنت العقول ولا تقبح ما قبحت ، بل هو قولنا نفسه ، وإنما أنكرنا أن يكون العقل رتبة في تحريم شئ أو تحليله أو تحسينه أو تقبيحه ، وأما إذا وردت الشريعة بالنهي عن شئ أو إباحته ، فواجب في العقول الانقياد لذلك ، والانقياد لمنع ما أبيح ، أو إباحة ما منع إن جاء أمر بخلاف الامر المتقدم ، فلم يحدث في العقول شئ لم يكن ولا غير النسخ شيئا مما كان فيها من وجوب الانقياد لما وردت به الشريعة ، وقد قال بعض القائلين بالحظر : إن معنى قوله عز وجل : خلق لكم ما في الأرض جميعا إنما معنى هذا ليعتبر به .
قال أبو محمد : وهذا تحكم لا يشبه إلا تحكم الصبيان . ومن استجاز مثل هذا من نقل الألفاظ عن مراتبها في اللغة ، فلا ينكر على غلاة الروافض قولهم : إن معنى الصلاة الدعاء لا الركوع والسجود ، معنى الزكاة طهارة الأنفس ، ومعنى الحج القصد إلى الامام ، ومن سلك هذه الطريقة أبطل الديانة ، وأدى إلى إبطال جميع التفاهم ، ولم يكن في الدنيا كلام إلا واحتمل أن يقول فيه قائل إنه مقصود به غير ما يقتضيه لفظه ، وهذا هو إبطال الحقائق ، وساغ للعيسوية من اليهود أن يقولوا : إن معنى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا نبي بعدي ، أي من العرب فقط ، وساغ للمعتزلة أن تقول : وخلق كل شئ ، أي الأجسام وأعراضها حاشا الحركات ، وساغ للحشوية أي تقول : بل خلق كل شئ حاشا الروح والايمان والكلام المسموع من القراء ، وساغ للمنانية أن يقولوا خلق كل شئ من الخير

نام کتاب : الإحكام في أصول الأحكام نویسنده : ابن حزم    جلد : 1  صفحه : 52
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست