responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الإحكام في أصول الأحكام نویسنده : ابن حزم    جلد : 1  صفحه : 51


العاهات العظيمة والبلايا الشنيعة والأمراض المؤلمة ، ثم جعل مجتمعهم في جهنم مع منعهم في الدنيا ، ومنحوس فيها ، فأي عقل ترتبت فيه هذه الرتبة أو المنع منها ما يحس شيئا من ذلك في عقله إلا ناقص العقل ، ينبغي له أن يتهم حسه في ذلك .
ونسأل من جعل العقل مرتبا في حظر أو إباحة قبل ورود الشرع فنقول له :
ما تقول في راهب في صومعة ، مريد لله عز وجل بقلبه كله ، موحد لله تعالى لا يدع خيرا إلا فعله ولا شرا إلا اجتنبه ، إلا أنه كان في جزائر الشاشيين في أقصى الدنيا يسمع قط ذكر محمد صلى الله عليه وسلم من جميع أهل ناحيته إلا متبعا بالكذب وبأقبح الصفات ، ومات على ذلك وهو شاك في نبوته صلى الله عليه وسلم أو مكذب لها ، أليس مصيره إلى النار خالدا ، مخلدا أبدا بلا نهاية ؟ فإن شك أحد في ذلك فهو كافر بإجماع الأمة .
ثم نقول : ما تقول في يهودي أو نصراني لم يدع قتل مسلم قدر عليه إلا قتله أو أنفذه ولم يبق شيئا من الفواحش إلا ارتكبه ، من الزنى وفعل قوم لوط عليه السلام ، وفعل كل بلية ، ثم إنه أيقن بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم ، وآمن وبرئ من كل دين إلا دين الاسلام ، وأقر بذلك بلسانه ومات أثر ذلك ، أليس من أهل الجنة ؟ بلا خلاف من أحد من الأمة ، فإن شك في ذلك فقد كفر .
ففي أي موجب للعقل وجد إثبات هذا أو وجد إبطاله ، وما الذي أوجب في العقل أن يخص محمدا صلى الله عليه وسلم وسائر الأنبياء بهذه الفضائل ، وقد كان عليه السلام بين أظهر الناس أربعين سنة لم يحبه تعالى بهذه الفضيلة ، فأي عقل أوجب منعه من ذلك قبل أن يؤتاها أو أوجب أن يحبى بها إذ حبي بها ، هل هي إلا أفعال الله تعالى واختياره ، وكل هذا يبطل أن يكون للعقل محال في حظر أو إباحة ، أو تحسين أو تقبيح ، وأن كل ذلك منتظر فيه ما ورد من الله تعالى في وحيه فقط ، نسأل الله الهدى والعافية في الدنيا والآخرة بمنه آمين .
وقال بعض المتكلفين من القائلين بالإباحة : كل من اضطره الله إلى شئ فقد أباحه له .
قال أبو محمد علي : وهذا قول امرئ لم يتدرب في العلم ، وقد أخطأ في هذه القضية لان الضرورة فعل الله تعالى ، والجائع مضطر إلى الجوع ، والمريض مضطر إلى المرض ، وقد قال تعالى في أهل النار : ثم نضطره إلى عذاب النار أفيسوغ

نام کتاب : الإحكام في أصول الأحكام نویسنده : ابن حزم    جلد : 1  صفحه : 51
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست