الْغَرِيزِيَّةِ مُتَمَكِّنٍ مِنْهَا. وَ لِذَلِكَ مَا كَانَ العَظْمُ يَغْذُو كَثِيراً مِنَ الْحَيَوَانَاتِ وَ الشَّعْرُ لا يَغْذُو شَيْئاً مِنْهَا أوْ عَسَى أنْ يَغْذُوَ نَادِراً [1] مِنْ جُمْلَتِهَا كَمَا قَدْ ظُنَّ مِنْ أَنَّ الْخَفَافِيشَ تَهْضِمُهُ وَ تُسِيغُهُ. لَكِنَّا إذَا أَخَذْنَا قَدْرَيْنِ مُتَسَاوِيَيْنِ مِنَ الْعَظْمِ وَالشَّعْرِ فِى الْوَزْنِ، فَقَطَّرْنَاهُمَا فِى الْقَرْعِ وَ الإنْبِيقِ سَالَ مِنَ الْعَظْمِ مَاءٌ وَ دُهْنٌ أَكْثَرَ، وَ بَقِىَ لَهُ ثُفْلٌ أَقَلُّ. فَالْعَظْمُ إذاً أَرْطَبُ مِنَ الشَّعْرِ. وَ بَعْدَ الْعَظْمِ فِى الْيُبُوسَةِ الْغُضْرُوفُ، ثُمَّ الرِّبَاطُ، ثُمَّ الْوَتَرُ، ثُمَّ الْغِشَاءُ، ثُمَّ الشَّرَايِينُ، ثُمَّ الأوْرِدَةُ، ثُمَّ عَصَبُ الْحَرَكَةِ، ثُمَّ الْقَلْبُ، ثُمَّ عَصَبُ الْحِسِّ. فَإنَّ عَصَبَ الْحَرَكَةِ أَبْرَدُ وَأَيْبَسُ مَعاً كَثِيراً مِنَ الْمُعْتَدِلِ. وَ عَصَبَ الْحِسِّ أَبْرَدُ وَ لَيْسَ أَيْبَسَ كَثِيراً مِنَ الْمُعْتَدِلِ بَلْ عَسَى أنْ يَكُونَ قَرِيباً مِنْهُ، وَ لَيْسَ أيْضاً كَثِيرَ الْبُعْدِ مِنْهُ فِى الْبَرْدِ ثُمَّ الْجِلْدُ.
الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِى أمْزِجَةِ الأَسْنَانِ وَ الأَجْنَاسِ
الأَسْنَانُ أَرْبَعَةٌ فِى الْجُمْلَةِ: سِنُّ النُّمُوِ وَ يُسَمَّى سِنَّ الْحَدَاثَةِ، وَ هُوَ إلَى قَرِيبٍ مِنْ ثَلاثِينَ سَنَةً، ثُمَّ سِنُّ الْوُقُوفِ: وَ هُوَ سِنُّ الشَّبَابِ، وَ هُوَ إلَى نَحْوِ خَمْسٍ وَثَلاثِينَ سَنَةً أوْ أَرْبَعِينَ سَنَةً، وَ [2] سِنُّ الانْحِطَاطِ مَعَ بَقَاءٍ مِنَ الْقُوَّةِ وَ هُوَ سِنُّ الْمُكْتَهِلِينَ [3] وَ هُوَ إلَى نَحْوٍ مِنْ سِتِّينَ سَنَةً، وَسِنُّ الانْحِطَاطِ مَعَ ظُهُورِ الضَّعْفِ فِى الْقُوَّةِ وَ هُوَ سِنُّ الشُّيُوخِ إلَى آخِرِ الْعُمْرِ.
لَكِنْ سِنُّ الْحَدَاثَةِ يَنْقَسِمُ إلَى سِنِّ الطُّفُولَةِ وَ هُوَ أنْ يَكُونَ الْمَوْلُودُ بَعْدُ غَيْرَ مُسْتَعِدِّ الأعْضَاءِ لِلْحَرَكَاتِ وَ النُّهُوضِ، وَ إلَى سِنِّ الصَّبَا وَ هُوَ بَعْدَ النُّهُوضِ وَ قَبْلَ
[1] ب، ج: نادراً. ط، آ: واحداً.
[2] ط، ج: ثمّ. ب: و.
[3] ط، ب، آ: المكتهلين. ج: المتكهلين.