مُتَخَالِفَةٌ، فَتَكُونُ هَذِهِ الْقُوَّةُ عَلَى مَذْهَبِ الْقُدَمَاءِ [1] قُوَّةً نَفْسَانِيَّةً. كَمَا أنَّ الْقُوَى الطَّبِيعِيَّةَ الَّتِى ذَكَرْنَاهَا تُسَمَّى عِنْدَهُمْ قُوَّةً نَفْسَانِيَّةً.
وأمَّا إذَا لَمْ يُرَدْ بِالنَّفْسِ هَذَا الْمَعْنَى بَلْ عُنِىَ بِهِ قُوَّةٌ هِىَ مَبْدَأُ إدْرَاكٍ وَتَحْرِيكٍ تَصْدُرُ عَنْ إدْرَاكٍ مَا، بِإرَادَةٍ مَا، وَ أُرِيدَ بِالطَّبِيعَةِ كُلُّ قُوَّةٍ يَصْدُرُ عَنْهَا فِعْلٌ فِى جِسْمِها عَلَى خِلَافِ هَذِهِ الصُورَةِ، لَمْ تَكُنْ هَذِهِ الْقُوَّةُ نَفْسَانِيَّةً، بَلْ كَانَتْ طَبِيعِيَّةً. وَ أَعْلَى دَرَجَةٍ مِنَ الْقُوَّةِ الَّتِى يُسَمِّيهَا الأَطِبَّاءُ طَبِيعِيَّةً. وَأمَّا إنْ يُسَمَّى بِالطَّبِيعِيَّةِ مَا يَتَصَرَّفُ فِى أمْرِ الْغِذَاءِ وَ إحَالَتِهِ [2]، سَوَاءٌ كَانَ لِبَقَاءِ شَخْصٍ، أوْ بَقَاءِ نَوْعٍ، لَمْ تَكُنْ هَذِهِ طَبِيعِيَّةً وَكَانَتْ جِنْساً ثَالِثاً. وَ لأنَّ الْغَضَبَ وَ الْخَوْفَ وَ مَا أَشْبَهَهُمَا انْفِعَالٌ لِهَذِهِ الْقُوَّةِ. وَ إنْ كَانَ مَبْدَؤُهَا الْحِسَّ وَ الْوَهْمَ وَ الْقُوَى الدَّرَّاكَةَ كَانَتْ مَنْسُوبَةً إلَى هَذِهِ الْقُوَى. وَ تَحْقِيقُ بَيَانِ هَذِهِ الْقُوَى وَ إنَّهَا وَاحِدَةٌ أوْ فَوْقَ وَاحِدَةٍ هُوَ إلَى الْعِلْمِ الطَّبِيعِىِّ الَّذِى هُوَ جُزْءٌ مِنَ الْحِكْمَةِ [3].
الْفَصْلُ الْخَامِسُ فِى الْقُوَى النَّفْسَانِيَّةِ الْمُدْرِكَةِ
وَالْقُوَّةُ النَّفْسَانِيَّةُ تَشْتَمِلُ عَلَى قُوَّتَيْنِ هِىَ كَالجِنْسِ لَهُمَا: إحْدَاهُمَا قُوَّةٌ مُدرِكَةٌ، وَ الأُخْرَى قُوَّةٌ مُحَرِّكَةٌ. وَ الْقُوَّةُ الْمُدْرِكَةٌ هِىَ [4] كَالجِنْسِ لِقُوَّتَيْنِ: قُوَّةٌ مُدْرِكَةٌ فِى الظَّاهِرِ وَ قُوَّةٌ مُدْرِكَةٌ فِى الْبَاطِنِ. وَ الْقُوَّةُ الْمُدْرِكَةُ فِى الظَّاهِرِ هِىَ الْحِسِّيَّةُ، وَ هِىَ كَالْجِنْسِ لِقُوًى خَمْسٍ عِنْدَ قَوْمٍ، وَثَمَانٍ عِنْدَ قَوْمٍ. وَ إذَا أُخِذَتْ خَمْسَةٌ كَانَتْ قُوَّةُ
[1] ط، آ، ج: الفلاسفة. ب: القدماء.
[2] ط، ج: احالته. ب: حالته.
[3] ط، آ، ج: الفلسفة. ب: الحكمة.
[4] ب:- هى.