نام کتاب : شرح تشريح القانون نویسنده : ابن نفيس جلد : 1 صفحه : 444
المنى لكن صلابة جرم القلب تمنع من سرعة تكونه فلذلك تمام تكون السرة
يسبق تمام تكون القلب و تجويف القلب يسبق حدوث السرة لأنها إنما تحدث بعد احتياج
الروح المحوية فى تجويف القلب إلى نفوذ الهواء إليه. و المنفذ الذى تكون فيه السرة
ثم بعد [1] أن يصير الجنين حيا مغتذيا يحتاج أن
يصير مع ذلك حساسا متحركا بالإرادة و إنما يمكن ذلك/ «بتعدل القوة الحيوانية حتى
يمكن صدور تلك الإرادة عنها و إنما يمكن ذلك بعضو بارد و رطب، فإن هذه الروح حارة
قليلة الرطوبة الندية فإنما يعتدل بعضو هو كذلك، و هذا العضو البارد الرطب هو
الدماغ على ما بيّناه فى موضعه، فلذلك يحتاج الجنين أن يتكون له الدماغ، و ابتداء
تكونه و إن كان متأخرا فإن تمامه يتقدم تمام تكون
[2] القلب، و ذلك لأن الرطوبة أقبل للانفعال و التخلق من غيرها، فلذلك
تمام تكون الدماغ يظهر فى الجنين قبل تمام تخلق القلب ثم الدم الواصل إلى الجنين
من بدن الأم يحتاج إلى أن يستحيل إلى مشابهة مزاج الجنين و مشابهة جوهر أعضائه و
العضو الذى يتم فيه تكون الدم الغاذى للبدن هو الكبد فلذلك يحتاج الجنين إلى أن
يتكون الكبد لأجل إصلاح ما يرد إليه من بدن الأم فإن ذلك الوارد لحدته و يبوسته لا
يصلح لغذاء الجنين ما لم يتعدل و ينصلح مزاجه فى الكبد فلذلك يتكون الكبد، و ربما
سبق أيضا تمام تكونها لتمام تكون القلب لأنها عضو رطب بخلاف القلب. و قبل هذه
الأحوال جميعها لا بد من أن يكون الغشاء الأول الذى يسمّى المشيمة و ذلك لأن وصول
الروح و الدم إلى داخل المنى إنما هو من العروق التى فى هذا الغشاء. و كيفية تكونه
أن المنى عند أول وروده إلى داخل الرحم لا بد أن يتسخن بحرارة باطن الرحم. و هذه
الحرارة لا بد من أن ينبسط جرمه فيزداد حجمه. و الغشاء الباطن من غشاءى الرحم لا
بد من اشتماله على ذلك المنى فلذلك لا بد للمنى حينئذ من أن يلاقى ذلك السطح، و
قوام المنى لزج، و كل لزج لاقى سطحا حارا فلا بد من انعقاد ظاهر ذلك الجسم بحرارة
ذلك السطح، و يلزم ذلك أن يحدث فى ظاهر المنى جرم غشائى و فى الغشاء الباطن من
غشاءى الرحم عروق كثيرة ساخنة و ضاربة من أفواه تلك العروق/ «تقضى إلى داخل الرحم
لأن من هذه العروق»/ ينفذ دم الطمث و يرتفع ما يرتفع من فضل المادة التى تفضل من
غذاء الجنين إلى الثديين فيحدث منهما اللبن و كذلك الأرواح و النسيم/ الواردان إلى
الرحم/ إنما يردان إليه من هذه الأفواه التى للشرايين
[3] و هذه الأفواه لأنها [4] أطراف العروق تكون لا محالة صلبة خشنة و كذلك
[5] إذا ماس المنى باطن الغشاء الثانى من غشاءى
[6] الرحم و هو الداخل فلا بد من أن يلتصق بهذه الأفواه ما يلاقيها من
جرم المنى فيتعلق لا محالة بها، و إذا تفشش
[7] ما فى المنى من الجرم المخلخل لجرمه الباسط له عاد المنى إلى حجمة
الأول «*» فنزل بذلك عن مماسته جرم هذا الغشاء
الداخل من غشاءى الرحم «**»
و بقيت الأجزاء الملتصقة بتلك الأفواه ملازمة لها فامتد من تلك الأجزاء خيوط متصلة
من تلك الأفواه إلى الغشاء الحادث على سطح المنى و بعض هذه الخيوط يتصل بأفواه
الأوردة و بعضها يتصل بأفواه الشرايين فإذا نزل الدم من الأوردة و نزلت الروح من
الشرايين نفذ كل واحد منهما