قال الشيخ الرئيس رحمة اللّه عليه إن الخالق تعالى بسابق عنايته ...
إلى قوله: من امتصاص صفاوته التى فاتت الطائفة الأولى.
الشرح: قد علمت أن [1] المعدة لا بد منها فى هضم الغذاء و تهيئته فى
[2] للانهضام فى الكبد ليتكون منه الدم و غيره من الأخلاط التى لا بد
منها فى التغذية التى لا بد منها فى بقاء الإنسان و نحوه من الأجسام المغتذية و قد
عرفت أن هضم المعدة يتم بأمرين: أحدهما فعل صورتها فى الغذاء لتحيله إلى مشابهة
جوهرها.
و ثانيهما: فعل الحرارة الطابخة للغذاء حتى تتشابه أجزاؤه و تصلح
لفعل الكبد فيه فإذا تم انهضام الغذاء فيها لهذين الأمرين وجب أن يندفع منها و لا
يلزم فيها بعد ذلك زمانا له قدر يعتد به لأنه لو بقى فيها بعد ذلك زمانا كثيرا لزم
ذلك أمران:
أحدهما تعذر نفوذ غذاء آخر إليها فتهضمه كما هضمت الأول إذ لا يكون
لهذا الثانى مكان و يلزم ذلك تضرر البدن بانقطاع الغذاء الثانى عنه إلى أن يندفع
الأول.
و ثانيها: أن الغذاء إذا بقى فى المعدة بعد تمام انهضامه فسد لأن
الحرارة لا بد و أن يستمر عملها فيه. و يلزم ذلك أن يتدخن أو يحترق و بالجملة أن
يصير بحال لا يصلح لفعل الكبد فيه فلذلك وجب أن يندفع الغذاء من المعدة إذا تم
انهضامه فيها و اندفاعه حينئذ لا يمكن أن يكون إلى الكبد فإن عروق الكبد لأجل
ضيقها لا يمكن نفوذ الغذاء فيها دفعه و فى زمان قصير جدا و لو اندفع إلى فوق فخرج
بالقىء مثلا لغابت منفعته فلا بد من أن يكون اندفاعه حينئذ إلى داخل البدن و أن
يكون ذلك فى تجويف يمكن