الظاهر من كلامه، و من‌ [1] كلام غيره أنهم يريدون الأفضية التى يعتقدون أنها فى داخل المخ، و ذلك لأنهم يزعمون أن فى داخل المخ تجاويف ثلاثة و أنها مملوءة من الأرواح النفسانية و أن تلك الأرواح هى التى تقوم بها القوى التى بها الحس، و هى‌ [2] التى يسمونها الحس المشترك.

و القوى التى يسمونها الخيال. و القوى التى يسمونها الوهم، و التى يسمونها تارة مفكرة و تارة متخيلة و القوى التى يسمونها حافظة و ذاكرة:

و أنا إلى الآن لم يتحقق لى شى‌ء من ذلك على الوجه الذى أرتضيه و قولهم إنهم شرحوا و أبصروا الأمر على ما ذكروه مما لا يوقع عندى ظنا فضلا عن جزم.

فكثيرا ما رأيت الأمر على خلاف ما ادعوا أنهم صادفوه بالتشريح الذى يدعون أنه تكرر لهم كثيرا.

قوله: و جميع الدماغ منصفا فى طوله تنصيفا نافذا فى حجبه‌ [3] و مخه، و فى بطونه أما بنصف‌ [4] القحف فى أعلاه فظاهر. و ذلك لأنه فى باطنه نتوء ذاهب فى طوله تحت الدرز السهمى و لهذا النتوء فائدة غير التنصيف و يبقى أن يكون العظم عند اتصاله‌ [5] بالدرز السهمى غليظا فيكون بذلك متداركا لما يوجبه الانفصال من وهن الجرم.

و أما الحجاب الغليط و هو الأم الجافية فلا يظهر فيها [6] تنصيف البتة إلا بالشعب الذى ينفذ منها فى الدرز السهمى، و ينبث فى السمحاق ليرتبط [7] هذه الأم بسبب تلك الأجزاء بالقحف ارتباطا محكما فلا يقع على المخ بل تكون معلقة بينه و بين عظام القحف و أما المخ نفسه فإنه ينقسم فى طوله بما ينفذ فيه فى طوله من الأم الرقيقة.

و بذلك المنافذ يحدث أيضا لهذه الأم تنصيف و فائدة هذا التنصيف أن يكون أحد النصفين قائما بما [8] يحتاج إليه إذا حدث للنصف الآخر آفة و ليكون ما يعرض من الآفات لشى‌ء من هذه الأجزاء أعنى العظام و الحجب و المخ لا يكثر عموم ذلك لباقى جوهرها لآفة [9] عارضة له.

قوله: و إن كانت الزوجية فى البطن المقدم وحده أظهر للحس.

أما ظهور ذلك فى عظام القحف فلأجل زيادة غلظ [10] النتوء الذى به تنصيف العظم فى مقدم الدماغ و ذلك لأجل اتساع ذلك الموضع، و كذلك زيادة ظهور ذلك فى المخ، فإنه لأجل زيادة غلظ النازل منه فى مقدمه لأجل كبر ذلك الموضع يظهر ذلك التنصيف أكثر.

و اللّه ولىّ التوفيق‌ [11]

[1] د ن ب: ساقطة

[2] د ب ن: ساقطة

[3] د ب ن: ساقطة

[4] أ: تنصيف‌

[5] ب: انفصاله‌

[6] أ: ساقطة

[7] ب: فيرتبط

[8] ب: فإنما

[9] ب: الآفة

[10] ن: ساقطة

[11] م ن أ: ساقطة